زيادة البيّاع
زمان ؛ لما كنت أشتري (هرايس) أو (بليلة) أو (ترمس) وبالذات إذا كانت الكميّة التي أريد شراءها (محرزة)؛ أجد (البيّاع) بشكل تلقائي قد زاد الكمية ويعلي صوته وهو يقول: وهاي زيادة منّي. وعرفتُ فيما بعد أنها عرف رائج ويسمّى (زيادة البيّاع) ..وتعرف الآن في عالم التجارة بـ(البونص).
وحين أعجبتني قصّة (زيادة البيّاع) مارستها بكلّ عنفواني وأنا طفل صغير أجوب الشوارع أبيع (الكريزة) ..وكنت أعطي زيادة البيّاع لكلّ من هبّ ودبّ حتى للذي يشتري مني قطعة صغيرة بقرش واحد..لذا خسرت تجارتي الطفولية..ولم تصمد أمام حيتان رأس المال الكبير والذين زيادة البيّاع لديهم من الأرباح ويعطونها بمقدار محسوب سلفاً؛ بينما أنا كانت الزيادة عندي التي أعطيها كبيّاع تكون من أصل رأس المال فضاع المال وتاه الرأس..!
وها قد كبرتُ..وصارت كل الزيادات في الشيب الذي لا يتوقف عن البياض..! صارت زيادة البيّاع في الصيدليات التي لا تسكِّن ألمك ولا تجعلك تقيم احتفالاً لبيّاع لأنه خصّك بزيادة..بل تكتشف أنك كلّك (زيادة بيّاع)..! حتى وصل الأمر بأوطان عربية مقهورة أنها لم تعامل كبضاعة لها ثمن (مع أن عملية البيع كلّها مرفوضة جملة وتفصيلاً) ..بل تكتشف أنها وما عليها وما سيأتيها من مستقبل عبارة عن زيادة بيّاع تم التبرّع به جميعاً دون رفة جفن..!
إن للشعوب كلمة لا يمنعها طغيان البيّاعين: هذه بضاعتكم رُدّت إليكم..!