جريمة الزرقاء.. من سيرمم بقايا الجسد؟
شبلي حسن العجارمة
جو 24 :
أکتب وأخال كفي ستسقط من يدي بعد کل حرفٍ علی الورق، أخال أني خلقت بلا أنامل أصلاً، بل وكأني أفتش عن عينيّ بين رکام المشهد وحتی محرد الکتابة عنه .
ماذا تبقی لنا من عيونٍ لنقابل بها سفاح نيوزلندا تارانت؟ بماذا سنحاجج سفاح داعش؟ وماذا أبقينا للذٸاب؟ وهل ستدوم ثرثراتنا عن شريعة الغاب؟ بماذا ستغني الأمهات ليلة هذا المشهد المرير الموجع علی صدور أطفالهن في أسرتهم وغرفهم الملونة بالزرکشات الحالمة؟ کيف سنتفقد رصيد الرحمة في قلوبنا؟ ماذا نقول "لحمورابي سين باليت " وقد فصلنا عنه جدار الزمن لثلاثة أٓلافٍ ٛوتسعماية وخمسين عاما ً خلت؟ هل يا تری سنتحدث عن وزارة العدل؟ أو حتی مصطلح المساواة في الحقوق الثلاث الحياة والمال والجسد؟ هل سيکون هذا الحدث الذي أرعب الکبار قبل الصغار خطبةً دسمة ليوم الجمعة القادم بدل أن تکون الخطبة عن نعمة الأمن والأٓمان والعدل والرفاه؟ وهل سيکون الخبر مجرد وسمٍ سيخفت بعد سبعة أٓيام فقط علی المواقع الإخبارية ومواقع التواصل الاجتماعي؟ وهل ستجری محاکمة عاجلة ويعدم المجرم لإطفاء غضب الرب جلّ جلاله ثم غضب الشارع کي نرفع أکفنا ونضع أعيننا بعين الله ونطلب أن يرفع البلاء والوباء عنا والغلاء بأکفٍ ٛطاهرة وأنفس أکثر رضاً وراحة للضمير؟
ربما لا أحتاج لوقتٍ أطول من إرسالي هذا المقال للموقع الإخباري لقناعاتي بأن شيٸاً ٛمما ذکرت لن يحصل! لأن المجرم في رحلة تحقيقه ونزهة تجواله علی المحاکم سيمر بألقاب کثيرة "الظنين، المتهم، والفاعل حتی يحصل علی لقب مجرم "، لأنه بعد مٸتين وخمسين قيد عاد وفتك بأمننا البعيد، وسلب الطفولة وشوه الجسد .
المجرم سيلتمسون له العذر بأٛكذوبة الأسباب المخففة للجرم، سوف تبکي أمه أكثر من أم الضحية، سيتعاطف معها الواسطة بإيداعه في سجن يحبذه هذا المجرم، بعد شهرٍ ستطوی القضية من الشارع العام بإسفنجة التطمينات الماصة، وسوف يهرع أهله لأعتی المحامين المختصين بمصطلح "رح نطلعه زي الشعر من العجين " ضمن مسلسل مراوغات، سوف تتحرك العباءات الشفافة والعقل المرعز والجاهات والوجاهات أيضاً بمصطلح "الکاينات يكونن وصار أکبر من هيch وانتهت "، ولن تُشرب القهوة حتی تحصل الجاهة علی عطوة متوسطة بحجة براءة ذوي الجاني من الذنب، وستعود الجاهة بطناختها لکن بلا أيدي الضحية، بلا عينيه وبلا طفولته وبراءته من کل ما حدث معه .
سيتم تسليم المجرم کنتيناً للبيع وکرتونة سوق سوداء تحت سريرة، سوف يزمجر في السجن ليفرض سطوته، سوف يزوره أهله لتطمينه بأن القضية ستصبح واحدة بواحدة وتنتهي .
سيخرج المجرم وقد بث الطمأنينة الجرمية لأقرانه من المجرمين بأنها مجرد حادثة فهلوة وزقرتية وبلطجة ورفعة رأس بالثأر وانتهت .
من سيرمم جسد الضحية؟ ومن سيعيد له ما تبقی من طفولته المهشمة؟ من سيرتب نفسية الضحية من جديد ليقنعه أنه يعيش في مجتمع إنساني لا مجرد رقعة من الغابة العشواٸية؟ من سيعيد کل دموع أمه المجانية دون مقابل؟ من سيمسك عنه القلم ومن سيکتب له؟ ومن سيكون حوله في کل تفاصيله ويومياته البشرية؟ کيف سيتحدث عنا لأقرانه لأطفاله لأسرته إن کانوا يوماً ما؟
رمموا الجسد بالرأس التي فکرت وتفننت بالعبث بأوصاله وبإنسانيته، وحاولوا تجميل وجه الطفولة التي سلبت من نوم أطفالنا وأمهاتهم وأفزعت کل أحاديثنا البريٸة الطيبة بکتابة عنوانٍ جديد يٛجفف کل منابع الزعرنات ويرد بضاعة الموت لتجاره و الذي بتنا شركاء في صنع زبانيته بل حراساً أمناء لإجرامهم و وسطاء لعبثيتهم وهم لا زالوا يعيدون رواية هابيل وقابيل لزمننا وعلی مسارح حياتنا الثمينة بتذاکر أبهض ثمناً وأعلی تكلفة !.