jo24_banner
jo24_banner

كيف نحتفي بمئوية دولتنا؟ هل هي فرصة للمراجعات والاهتمام بالركائز والاولويات؟

باسل العكور
جو 24 :


** الاحتفال بمئوية الدولة ، ليس بابا للتبذير والانفاق من اموال دافعي الضرائب


ليس صحيا ان يقتصر احتفاؤنا بذكرى ميلاد دولتنا ، بالكلام الكثير المتكلف والرقص والغناء واليافطات والمهرجانات وانفاق الملايين في غير محلها ، لاسيما ان نسبة عظيمة من ابناء هذه الدولة لا يجد قوت يومه .

حتى نستثمر هذه المناسبة بشكل ايجابي و بناء ومثمر ، علينا ان نعتبرها فرصة ثمينة لنراجع نهجنا و ونقيم اداءنا ، هي فرصة لنعرف اين اصبنا وكم هي عدد المرات التي جانبنا بها الصواب ، هي مناسبة لنتذكر ما فاتنا وما اضعنا من فرص وامكانات ، هي مناسبة لنعرف نقاط ضعفنا ومصادر قوتنا -ركائز الحكم واعمدته الاساسية- لنعززها وننميها .. ربما هي فرصة للمراجعات ،لتقييم المسيرة بكل تفاصيلها و محطاتها ومنعطفاتها ..

بهذه المناسبة المهمة ، علينا ان نقرأ جيدا واقع حال الناس، ان نعرف وضعهم وظروفهم النفسية والاقتصادية والاجتماعية والسياسية ، ان نسأل انفسنا الاسئلة المهمة : هل عمقنا ارتباط الناس بهذا الكيان السياسي الذي نحتفل بمئويته ؟ هل نجحنا بتعميق قيم الانتماء الصادق لهذه الدولة ؛ نظاما سياسيا و اطارا جغرافيا و سكانيا جامعا ؟ هل تمكنا من تأمين حاجات الناس الاساسية؟ هل بات الناس اكثر سعادة واطمئنانا لمستقبلهم ومستقبل ابنائهم ؟ هل نجحنا في بناء هوية وطنية جامعة ، هل تجاوزنا انقساماتنا وولاءاتنا الفرعية والجهوية والمناطقية والعشائرية والقبلية ؟ هل بنينا دولة مؤسسات ؟ هل كرسنا مبدأ سيادة القانون ؟ هل تخلصنا من امراض الواسطة والمحسوبية والرشى و الفساد المالي والاداري والاخلاقي ؟ هل تحرر النظام السياسي من نزوعه السلطوي وانقضاضه المستمر على الحقوق الاساسية والحريات العامة والخاصة ؟ هل بتنا دولة ديمقراطية حقيقية ،ام ما زلنا غارقين في وحل العرفية والاستبداد والتسلط ؟! ونحن نحتفي بذكرى التأسيس ،بمئوية الولادة القيصرية لهذا الكيان الذي طوَّع وذلَّل كل المعيقات والعراقيل والتحديات ،نسأل اليوم هل نجحنا في بناء الدولة الحلم ؟

الاحتفاء بيوم ميلاد الدول ،يذكرنا بكل ما نحتاج اليه ، لتظل هذه الدولة وتنمو وتزدهر ، الاحتفاء بها يذكر بحقيقة أن بقاءها مرتبط بما تقدمه لمواطنيها ،لجميع القاطنين على ارضها ، وليس فقط بما تأخذه من جيوبهم وتنتزعه من حقوقهم !

الاحتفاء بذكرى تأسيس الدولة ،يجب ان يَشعُر باهميته الصغير قبل الكبير ، والمواطن العادي قبل رجل السلطة ، هذا التاريخ يجب ان ينتظره ان يحتفي به كل بيت بشكل تلقائي وعفوي وطوعي ،ليس مطلوبا من المؤسسات الرسمية ان تنفق قرشا واحدا ، في ظل ما نعانيه من ظرف اقتصادي قاهر ، ليس مطلوبا من المسؤولين ان يثبتوا اي شئ ، ليس مطلوبا منهم ان ينفقوا من اموال الخزينة ، اموال دافعي الضرائب ، على البهرجة واليافطات والاحتفالات ،الاحتفال بمئوية الدولة ليس بابا للتبذير والانفاق غير المحدد بقواعد وسقوف كما يعتقد بعض المسؤولين .المبالغات تفقد المناسبة بهجتها ، دعوا المواطنين يحتفلون على طريقتهم الخاصة بهذه المناسبة اذا ارادوا ذلك بالفعل وشعروا به ، على البلديات ان توفر وتهيئ الساحات العامة والحدائق وتنظم بعض الفعاليات الموسيقية ،وهذا يكفي ويزيد ..

الاحتفاء بمئوية الدولة ، هو احتفاء بالانجازات ،التي تحتاج لتعظيم وتكريس و مضاعفة ..هي دعوة لمزيد من التفاني والاخلاص في العمل .

نعم ، نحن نمر بظروف صعبة ،واقتصادنا يعيش ركودا غير مسبوق ،علينا ان نفكر اليوم بطرائق الخروج من دوامة الفشل ،لنحتفل حينها بولادة جديدة ، وانبلاج صبح مختلف .
 
تابعو الأردن 24 على google news