jo24_banner
jo24_banner

من هو المسؤول عن انقاذ جامعاتنا الأردنية من الانهيار المالي والإداري

أ. د عاطف محمد سعيد الشياب
جو 24 :


ان جامعتنا الأردنية الرسمية تواجه في الوقت الراهن تحديات مالية واداريه صعبه وخاصة في ظل جائحة كورونا ، لدرجة انها اثرت وبشكل كبير على تقدم وازدهار تلك الجامعات وأصبح لزاما علينا جميعا افرادا ومؤسسات التفكير بشكل علمي ومنطقي لمواجه هذه التحديات التي تعصف بجامعتنا الحبيبة.

وبسبب الاوضاع المالية الصعبة التي تعصف بجامعاتنا الأردنية الرسمية فقد أصبحت الجامعات تعاني من تراجع واضح في مستواها الأكاديمي والعلمي وخدمه المجتمع، وانعكس ذلك سلبا على مستوى خريجي جامعاتنا من حيث اكسابهم المهارات الهامة كالتفكير الناقد والتفكير الإبداعي ومهارات الاتصال الفعالة، وأصبح الأساتذة والطلبة لا يشعرون بالأمن الوظيفي مما انعكس سلبا على مدى مشاركتهم بفاعلية في عملية البحث العلمي والتدريس والتنمية لمجتمعنا الأردني.

في الآونة الأخيرة وجه مجلس التعليم العالي خطه لمتابعه الحاكمية الرشيدة المالية والإدارية كخارطة طريق للإصلاح الإداري والمالي في جامعاتنا الأردنية الرسمية، وتضمنت المصفوفة عدة محاور من أهمها الاهتمام بالموازنات والحسابات الختامية، واعداد موازنة متوسطة المدى تغطي مدة أربعة أعوام.

كما تضمنت إعداد حسابات ختاميه ربعيه وسنوية، وتحديد نقاط القوة والضعف في المراكز النقدية والانحرافات بين المقدر والفعلي وأسبابه، وكذلك إعداد حسابات ختاميه لكل الكليات الجامعية؛ لمعرفة جدواها الاقتصادية، كما ركزت هذه الخطة على محور الموارد البشرية وما يعتريها من البطالة المقنعة الموجودة في معظم جامعاتنا الأردنية، كما تضمنت الخطة محور الجامعات المنتجة والإفصاح عن الإيرادات والنفقات المرتبطة بالجهات الإنتاجية التي تدخل في موازنة الجامعة.

وركزت الخطة على كيفية ادارة صناديق الاستثمار الموجودة في جامعاتنا الأردنية الرسمية والتركيز على إيجاد شراكات مع القطاعات المختلفة، ومنها القطاع الخاص لإدارة تلك الصناديق، بما يضمن للجامعات عائداً ثابتاً سنوياً، بحيث يتم توزيع الأرباح بين الجامعات والشركات الاستثمارية.

وقد وجهت هذه الخطة الجامعات الى عمل جرد شامل للوازم والتخلص من الراكد منها، واتباع شراء اللوازم وتوريدها عند الحاجة فقط، واستخدام أنظمة إدارة المخزون المحوسبة

كما شددت الخطة على تطبيق عمليات الإحلال والاستبدال، ووجهت الجامعات الى استئجار تلك الخدمات بدلا من امتلاكها، بخاصة الأمن الجامعي والصيانة والنظافة والتصوير وغيرها، مما يخفف بشكل جوهري كلفتها ويحسن نوعيتها ويزيد من رضا متلقي الخدمة، ويحقق عائداً إضافياً للجامعة.

وتضمنت الخطة الدعوة الى أتمتة وحوسبة الإجراءات الإدارية، واستحداث أنظمة إدارة المباني والمرافق واستخدام المعدات الموفرة للطاقة وتشجيع مشاريع الطاقة المتجددة

كما ركزت على مأسسة نظام الإفصاح والشفافية في الجامعات والمحاسبة وضرورة اتباع معيار المساءلة والمحاسبة كمعيار للحاكمية الرشيدة، وشددت على تطبيق معيار العدالة والمساواة وتكافؤ الفرص، ووضع أسس واضحة وشفافة ومعلنة للترقيات الأكاديمية تتضمن مواعيد محددة لإتمام إجراءات ترقيات أعضاء الهيئة التدريسية، وتطوير إجراءات الإشراف عليها ومتابعة تقارير ديوان المحاسبة والإجابة عن استيضاحاته.

ان المتمعن بهذه الخطة يجد انها تصلح لكل زمان ومكان وربما ستكون الحل السحري لمعالجة المشاكل الإدارية والمالية في الجامعات الرسمية، ولكن لغاية الان لا نعرف من هو المسؤول عن تطبيق هذه الخطة وهل تملك وزارة التعليم العالي والبحث العلمي الصلاحيات الحاسمة لمتابعه ومساءلة ومحاسبة إدارة الجامعات التي ضربت وتضرب هذه الخطط عرض الحائط ولا تطبق محاور هذه المصفوفة الإصلاحية.

ان من اهم التحديات التي تواجه جامعاتنا الرسمية هي التحديات المالية ،حيث ان معظم الجامعات الأردنية الرسمية تعاني من عجز في موازناتها نتيجة زيادة في المصاريف وخاصة رواتب أعضاء الهيئة التدريسية والإدارية ونقص في الإيرادات ،حيث ان الرسوم المحصلة من الطلبة لا تكفي لسد عجز موازنات تلك الجامعات وأصبح عليها ديون تقدر بالملايين وهناك بعض الجامعات تلجأ الى حل مؤقت للتغلب على تلك التحديات ، وتقوم باقتراض مبالغ من بعض البنوك او من صناديق الاستثمار مما يترتب عليها زيادة في فوائد القروض وزيادة في المديونية عاما بعد عام.

ان معظم جامعتنا ليس لديها خطط عملية لإقامة مشاريع استثمارية ذات جدوى اقتصادية عالية ولم تتبع إدارات بعض الجامعات فكرة الجامعات المنتجة ولم تفصح عن الإيرادات والنفقات المرتبطة بالجهات الإنتاجية التي تدخل في موازنة تلك الجامعات، فمعظم صناديق الاستثمار في تلك الجامعات يديرها موظفون لا ييستطيعون خلق شراكات مع القطاعات الاقتصادية والاستثمارية المختلفة المختلفة، ولم يستطيعوا ولسنوات خلت من تحقيق أرباح وايرادات ثابته وسنوياً لجامعتنا الأردنية حيث وصل الحد ببعض الصناديق الاستثمارية لبعض الجامعات الى مرحلة التراجع مع انه من المفروض ان تكون تلك الصناديق الاستثمارية ركيزة أساسية لاستثمارات الجامعات الأردنية ودعم موازناتها السنوية وخاصة الاستثمارات في مجال القطاع الصحي .

ومن اهم التحديات المالية التي واجهت بعض الجامعات هي خسارة ملايين الدنانير من جراء تخزين مواد ولوازم زائدة عن الحاجة وعدم اجراء مراجعه شامله لتلك اللوازم للتخلص من الراكد منها، وأصبح لا بد من اتباع طريقه شراء اللوازم وتوريدها عند الحاجة فقط، واستخدام أنظمة إدارة مخزون محوسبة.

اما في مجال وسائل النقل فيوجد في بعض الجامعات اساطيل من السيارات ووسائل النقل الأخرى والتي تكلف الجامعة ملايين الدنانير، اضافه الى تكدس كبير في عدد السائقين والموظفين في اقسام النقل والحركة، وأصبح من الواجب تطبيق عمليات الإحلال والاستبدال، وهذا ينطبق كذلك في مجال الخدمات المساندة، مثل الأمن الجامعي والصيانة والنظافة والتصوير وغيرها، وأصبح الحل هو استئجار تلك الخدمات بدلا من امتلاكها، الامر الذي سيخفف بشكل جوهري كلفتها ويحسن نوعيتها ويزيد من رضا متلقي الخدمة، ويحقق عائداً إضافياً للجامعة.

من اهم التحديات الأخرى التي تواجه جامعاتنا الأردنية هي التحديات الإدارية والتي هي أخطر من التحديات المالية وان عدم اتباع منهج الإدارات الرشيدة المبنية على تطبيق عناصر الإدارة المعروفة "كالتخطيط والتنظيم والتنسيق والرقابة والتقييم والتمويل"، وهي التي أدت الى تفاقم التحديات المالية وتراجع في المستوى العلمي والأكاديمي لتلك الجامعات.

فالتعينات الإدارية والأكاديمية في جامعاتنا الأردنية الرسمية اعتمدت على المعرفة والعلاقات الشخصية وعلى الواسطة والمحسوبية والعشوائية، وأصبح هناك بطالة مقنعه داخل جامعاتنا الرسمية ،الامر الذي اثقل كاهلها المادي نتيجة تلك الأخطاء الإدارية وأصبح من الضروري اعتماد آليّة جديدة لتعيين الإدارات الجامعيّة بطريقة أكثر شفافية تعتمد على مبدأ الكفاءة والكفاية في تعيين تلك الوظائف، حيث ان تعيين الإدارات الجامعية سابقا لم يكن يسير بطريقة صحيحة، وكثيرا من رؤساء الجامعات خرجوا بطريقة الاعفاء ولكن دون محاسبة او مساءله مما انعكس اثرة سلبا على إدارة رؤساء الجامعات الحاليين والذين تقلدوا رئاسة تلك الجامعات وما تحمله من تحديات مالية واداريه .

ان بعض جامعاتنا الأردنية الرسمية أصبحت تتجهز كل شهر لتأمين رواتب العاملين فيها واتبعت سياسة التقشف وشد الأحزمة في مجال التدريس والبحث العلمي والمؤتمرات وخدمه المجتمع، املا في تخفيف بعض النفقات لديها والتخلص من الديون المترتبة عليها، هذه الازمه المالية اثرت وتؤثر بشكل مباشر او غير مباشر على إنجازات الجامعات وأنشطتها العلمية والأكاديمية.

لقد آن الآوان الى ضرورة تدخل الدولة الأردنية من خلال وزارة التعليم العالي ووزارة المالية وبعض المؤسسات المعنية لحل هذه المشاكل من خلال سداد الديون المتراكمة على بعض الجامعات الرسمية وتخصيص مبالغ من الإيرادات المتأتية سنويا لصالح الجامعات والبالغة حوالي 450 مليون دينار أردني او من خلال تأمين مبالغ ماليه تقدمها جهات أخرى لتلك الجامعات ، مع ضرورة محاسبه من كان له دور في وصول تلك الجامعات الى ما وصلت اليه، والتشديد على مبدأ المحاسبة والمساءلة لكل من ارتكب فسادا ماليا او إداريا وإيداعهم القضاء العادل لتصبح جامعتنا لبنه قويه في بناء مجتمع اردني مسلح بالعلم والمعرفة.
تابعو الأردن 24 على google news