2024-11-26 - الثلاثاء
Weather Data Source: het weer vandaag Amman per uur
jo24_banner
jo24_banner

الحكومة ما بعد رمضان

ديمة طهبوب
جو 24 : كنا نود أن نحسن الظن بالحكومة ونقول إنها استفادت من مدرسة رمضان في المراجعة الفردية لرأسها وأعضائها، الذين تندر عليهم الشعب بأنهم لو استطاعوا أن يفرضوا ضريبة على صلاة التراويح لفرضوها، ومراجعة سياسات الدولة ليكون رمضان كما أراد الله له أن يكون بداية انطلاقة جديدة وحسن نوايا واستدراكا لما فات، فتكسب الحكومة الأجر وتكون السنة عندها كلها رمضان!
ولكن هيهات...
فمن لم يقم بصغير أعمال الرحمة والعدل مع الشعب من توفير القوت ومراقبة الأسعار وتأمين الاحتياجات وإعانة الضعيف، وكفالة اليتيم والأرملة ومداواة المريض وإيواء اللاجئ، والضرب على يد المحتال والفاسد في هذا الشهر الخالي من الشياطين، فلن يقوم بالأحسن والأكبر، والشياطين مُطلقة وما أكثرها، وما أكثر وسوستها لمن يسوسوننا بأن يسومونا سوء العذاب بعد أن أثبت الشعب احتماله للضرب والطرق والسحق وامتصاص الكوارث الى ما لا نهاية!!!
هل نحسن الظن بالحكومة ونقول إن ما قبل رمضان من انسداد أفق الإصلاح والحوار واستمرار السياسات المفلسة للشعب والقاتلة لطموحاته ستتوقف، ونشهد انقلابا سلميا عجيبا وتحولا ذاتيا ورغبة داخلية وطنية من غير ضغوط ولا املاءات ولا مساعدات خارجية؟! هل سنشهد يوما قريبا تصبح القرارات الأردنية من رأسنا(رأس الشعب مصدر السلطات) دون أن تُطبخ لنا بالسم الهاري في الخارج أو من أعوان الخارج في بلدنا؟!
هل سنشهد تصاعدا مستمرا للفقر والبطالة والمديونية والعنف والإقصاء السياسي وتزوير الإرادة الشعبية والسلطوية، والتوغل الأمني في الشأن العام، أم أن بركات رمضان ستحل علينا بعلاج سحري ينقلنا من ضيق الفساد الى سعة الإصلاح؟! ولكن متى كانت السماء تمطر ذهبا أو إصلاحا ما لم يكن هناك شعوب صادقة تحرث الأرض وتهيئ الزرع ثم تستمطر مدد السماء؟
ماذا تعلمت الحكومة من دروس شهر رمضان من الدول حولنا؟ هل رأت الانقلاب على إرادة الشعب وتفكر أن تعيد التجربة محليا، أم رأت الصمود والإصرار الشعبي على الحقوق، ولن تخاطر بتجربة نسخة أردنية مع شعب يُعرف عنه أنه أهل العزم؟!
سترسب الحكومة بامتياز في امتحان الشهر إذا ظنت أن تجارب القمع قابلة للاستنساخ، وقررت أن تعيد الكرة وتقلب الطاولة على الحركة الاصلاحية، فرمضان قد كان هدنة ولكنه بالتأكيد ليس ختاما للإصلاح في الأردن، ففي الوقت الذي تتعلم الحكومات من بعضها دروس السوء، تتعلم الشعوب أيضا من بعضها دروس العزة والكرامة والحضارة والتغيير السلمي الناجع، ودروس الصبر والتضحية والنفس الطويل، وتتعلم أن إذلال الناس وأكل حقوقهم والالتفاف على إرادتهم ليس حق الحكومة والدولة؛ فالكرامة والحقوق التي وهبنا الله إياها ليست ملكا للدولة وحريتنا ليست ملكا للدولة!
المدرسة المصرية علمتنا الكثير خلال الشهر الفائت بالتجربة لا بالتنظير، والحكومة أيضا- من غير إحسان الظن- تعلمت دروسها ورسمت سياساتها، وأبقت معتقلي الحراك في السجن طوال رمضان من حسن نواياها! فهل أخذ الاصلاحييون دروسهم لاستئناف العمل؟
الشهر كان حافلا وكل أخذ مؤنته وتزود فهل تغلب زوادة الباطل زاد الحق؟! وهل يغلب من ران الفساد على قلبه من أشرق بالاصلاح وجدانه؟!
لقد أدرك الحل أبوالعلاء المعري حتى وهو رهين المحبسين (العمى والقعود) فقال:
إذا لم تقم بالعدل فينا حكومة فنحن على تغييرها قدراء
فهل يظل الشعب الأردني رهين محابس الفساد والاستبداد؟
رمضان حرية وتحرير وانعتاق وعتق ومن لم يدرك هذه المنزلة فليس له من صيامه سوى الجوع والعطش.
(السبيل)
تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير