رٶوساء الجامعات; ووجع الخروج من السستم
شبلي حسن العجارمة
جو 24 :
"دخول الحمام مش زي خروجه", تلك قصة المصري الذي أراد الاستثمار في فتح حمام ترکي للبخار في قاهرة المعز لدين الله الفاطمي ,فحتی يجلب الزباٸن کتب إعلاناً کبيراً علی باب الحمام يتضمن عرضاً مغريا لاستقطاب الزباٸن وکانت العبارة "دخول الحمام ببلاش " ,وعندما يخلع الزباٸن ملابسهم يقوم بتخبٸتها هو وعمال الحمام في خزاٸن خاصة ,ومن يريد الخروج يدفع الضعف ,فاحتج الناس علی سياسة الابتزاز هذه ووقفوا علی باب الحمام وهم يقولون لماذا تفعل هذا بنا وهم يستشهدون بعبارة الإعلان ,فقال لهم "نعم صحيح الکلام ده وانا الي کاتبه بنفسي لکن قلت الدخول مجاناً مش الخروج ,ودخول الحمام مش زي خروجه ".
لقد أعادتني قصة تصفية رٶساء الجامعات الأردنية الحديثة العهد بطريقة لا تنتمي حتی لمنتصف القرن کما أشار بذلك أحد رٶساء الجامعات المقالين إلی سرد قصة هذا المثل , إذ أری الحياد هنا منطق غير موفق وفكرة لا تروق لي وأنا أقف في منتصف الإشکال ما بين أٓلية التعيين ,التدوير ,التعدين والتشکيل الذي تمارسه الحکومة وحتی في طرق إنهاء الأدوار بلا معايير واضحة ولا منهجية ثابتة , حتی أن هذا يتم ذلك أثناء التعيين ,هذه من جهة ,ومن الجهة الأخری الفٸة المقالة أو التي تم تصفيتهم وظيفيا بطرق لا تليق بنماذج أکاديمية کبيرة ذات أسماء براقة , وهم رٶساء الجامعات الذين تم إنهاء مهامهم وهو ما يسمی الانسحاب من السستم .
وهنا سأتحدث من بذرة حقيقة کوني حديث العهد بالتخرج من الجامعة الأردنية وقد عاصرت ثلاثة رٶساء جامعات ,وقد کابدت الأمرين معهم ,إذ کان مدراء مکاتبهم وسکرتيراتهم هم من يديرون دفة الأٛمور ,فأمر الحصول علی رضا مدير مکتب رٸيس الجامعة الأردنية هو أجدی من من رضا رٸيس الجامعة نفسه ,والظفر بموعد مع مدير/ة المکتب بمثابة مقابلة لرٸيس الوزراء ,لأن مدراء مکاتب الرٸاسة الجامعية يلعبون دور الحجابة زمن دويلات الخلافة الإسلامية ,ناهيك عن التحدث من رأس المناخير المعتاد .
وکذلك کان مشروع رٸيس الجامعة الأردنية المقال أو الخارج من السستم هو إلغاء کلية العلوم الإنسانية من أساسها ,معتذرا بأنها تشکل عبٸاً علی الجامعة وأن تخصصاتها مشبعة وغير مجدية ,وهو لم يضع تصوراً واحداً للبداٸل المتاحة .
لقد خفت صوت القرار والمبادرة هناك علی مکاتب الأبانوس الفاخرة ,وقد تم دس الرٶوس برمل إرضاء صناع القرار ضاربين بعرض الحاٸط التشوهات التي تترك أثرها العملية العلمية ,لقد تأخرت الجامعة عشرات الأعوام إلی الوراء إذا ما قورنت بعهود رٶساء سابقين منهم من قضی نحبه ومنهم من ينتظر ,ومن لا يعرف أحد رٶساء الجامعة الذي کان صوت قراره من رأسه عندما صوب أوضاع العاملين وکوادر الموظفين فيٕ الجامعة الأردنية ,وقرأ تراتيل الأٓمان علی وظاٸفهم ,حتی أنه حين تم إنهاء مدة رٸاسته وقفت الجامعة علی قلب رجل واحد معتصمين أمام رٸاسة الجامعة احتجاجاً علی رحيله .
من لا يعرف قصة الدکتور الکفيف محمد الطوالبة في الجامعة الأردنية في قسم الفلسفة ,والذي فقد بصره في عمر الورد لقاء خطأٍ طبي لأحد رٶساء الجامعة ذاتها, إذ لا زال تحت رحمة القرار الذي أمر به الديوان الملکي لتصويب أوضاعه ,ولازال علی مقاعد انتظار القرار الذي جمده المحافظة وبعده القضاة عندما قال له أثناء المقابلة "أنت أعمی ولا تستطيع إعطاء المحاضرات للطلاب " ,متناسياً بذلك أن أستاذ ناصرالدين الأسد کان عميد الأدب العربي طه حسين کان کفيفاً !.
البنية التحتية للتعليم عن بعد هو برنامج قديم منذ عام 2010 ولم يتم تحديثه حتی اللحظه ,ولأن برنامج مايکروسوفت تيمز مجاني ولا يفي بالغرض لمواکبة الحالة الوباٸية الطارٸة التي يعيشها الوطن !, ناهيك عن أن بعض أساتذة هيٸات التدريس الذين يمارسون الشخصنة الذاتية بإرهاب الطالب وترغيبه کل هذا في ظلال رٸاسات تنعمت بنشوة المنصب ولم تصوب الطريق أمام المعلم والطالب والدرس ,وحتی أن أٓلية تعيين هيٸات التدريس هي بلا معايير أيضاً من شأنها أن تکون عدلاً بين کل فٸات أبناء الوطن لا علی نظام ابن الداية وابن الولادة ,مما سبب تعفن منهجي بکل طراٸق التعليم وعجز معرفي سوف ترواح مکانها الجامعة أوابد من الدهر حتی تتعافی ,حال لسان الرٶساء المکلفون والمقالون يقول "إنا وجدنا أٓباٸنا وإنا علی أٓثارهم لمقتفون " .
لماذا يا أصحاب العطوفات لم يکن الخروج عن الصمت باکراً جداً وأنتم تديرون مجد الذات وتعززون دور اللوبيات والمحاصصة في کل النواحي علی أطهر بقاع الوطن ألا وهي المٶسسات التعليمية العليا?, أحد رٶوساء الجامعات ذات جلسة قال " کل ما بنشتغل مع وزير تعليم عالي بروح وبجي واحد ونبدأ من جديد ,صرت معاصر ثلاثة وزراء وکل واحد بحکي شکل وبفکر بمنطق مختلف ",قالها وهو يتلفت حوله حذراً من التصوير والنشر حفاظاً علی نشوة المنصب لا أکثر .
لماذا کان هناك الهمس بالأمس ,واليوم بات الانسحاب من السستم موجع أضعاف الدخول إليه ?,لماذا بانت أقلامکم الأٓن وتکشفت فصاحکم اليوم وفي الأمس کان لسانکم لسان الذي تلحدون اليه أعجميُُّ بينما الحقيقة لا تحتاج إلا للسانٍ عربي مبين ,تعرفون أکثر منا أنکم علی دولاب السستم لکن بالأمس کنتم فوق واليوم أصبحتم تحت , ولماذا لم يکن الصوت وأنتم فوق هو الأعلی وليس قبل أن أصبحتم في باطن الرماد وها أنتم تحاولون عبثاً نفخه من أجل روح الجمر التي فارقت ذلك الوهج والدفء علی حطب الأجيال وها أنتم في وأخر مراحل الحرق هناك تحت بل وتحت التحت البعيد الذي لن يسمعه أحد ?.