سناء قموه؛ رائعون في وطن لم يعد راٸعاً
شبلي حسن العجارمة
جو 24 :
منذ زمنٍ ونحن نرقب مسلسل انحدار الدولة مع انحطاط المفاهيم السياسية عن بکرة أبيها,وأشد الحلقات إيلاماً هي تلك التي باتت تٸدُ حلم الإنسان علی حطام أرضه وتدسه في التراب الذي غزل منه عريشةً للظل وشيد به أخشاش الصفيح والخشب ليلوذ بها من سوط البرد وغضبة الشتاء في کانون ,ويتعايش مع عتمته السرمدية علی هواه کأقل مساحةٍ للحرية .
طغمةُُ أفسدت حتی الملح, وأخری تٶلف من القوانين أساطير كأنها دساتير السماء ,يتدرعون بها من أجل مجد الذات المبنية علی طوب الجوع ,الفقر,البطالة والتهميش ,منهجيات باتت واضحة ولم تعد تخفی علی کل ذي بصيرةِ عقلٍ ,أو ألقی السمع وهو شهيد, وعند اختزال الوجع علی يد أبسط الحکماء فالعلة شعب بسيط وفٸةُُ شراذم من ردم يأجوج ومأجوج ,إذا أکلت من خبز الوطن تبسمل بالخراب ,وإذا أکلت لم تعد تشبع.
في الزمن الذي تلاشت به أميال الأرض ,وتجاورت به القری الأوروبية مع أحياء عمان,مادبا,الزرقاء وإربد ,عادت الدولة لتفعيل أدوات البداٸية في الحوار , والإمساك بفزاعة نصل سيف القضاء لتسليطه علی رقاب من لا زلوار يحملون سلم مبادٸهم بعرض انحطاط مبادیء اللصوص وقطاع أوصال الوطن , حرية التعبير ,ووعي المواطن مجرد خطابات سياسية علی منابر الغرب لتسول المال ,السلطة ,وإقناع الأٓخر بفخامة اللغة لفصل الخطاب ,لکن ما يدور في أروقة المحاکم ضربُُ من الانفصام ,السجين معلم والسجان تلميذ, البريءُ مقتول والقاتل قاضٍ , ترف من الانفصام ,وعبثية من خلط الأوراق الرمادية لإعلاء الجدار العازل ما بين فروق الطبقتين .
وعندما تصدمنا الحقيقة أکثر , ويصفعنا الواقع بلٶمٍ ,وخاصةً عندما تکون الحقيقة من أصحاب الاختصاص کما هو حال سناء قموه ,نهرب من خم التظليل إلی جحر قانون الذات ,ضاربين بعرض الحاٸط أهمية وطن ومصلحة مواطن .
إن کان قميصه قد من قُبلٍ فصدقت وهو من الکاذبين ,وإن کان قميصه قد من دبرٍ فکذبت وهو من الصادقين ,لماذا نحول صحة الإنسان الذي بات محور الکون وسبب الخليقة قميص نبي الله يوسف عليه السلام ,نشده دون البحث عن مکمن الخلل وإصلاحه,ورتق الفتق ?,وهذا ضربُّ من الجدل المفضي لإغراق الوطن في غياهب العتمة ووضعه في اتجاهٍ مجهول .
مٶلمُُٴ حد الثمالة حين يصبح الإنسان راٸعاً في وطنٍ لم يعد راٸعاً کما کان !, سياسة الإقصاء ومصادرة حرية التعبير والبحث عن الحقيقة سياسة أکثر ما يمکن وصفها بالمدمرة للأرض ومن عليها.
سناء قموه تحاول أن تشعل شمعة الأمل في جسد العتمة للشعب والوطن ,لکن الموجع عندما يکون عود الثقاب من إصبع وطني کإصبع قموه ,وموجعُُ أکثر عندما تذوب هذه القامات الوطنية شمعاً يتجمد علی أصابعنا ولا يوقظ غفلة عقولنا ,قلوبنا حد نخاع وطنيتنا المصادرة علی أيدي من يحکمون ولا يعرفون !.