لماذا نسأل من قتل #حمدة_الخياطة، ونحن نعرف اننا جميعا شركاء بالجريمة!
باسل العكور
جو 24 :
مرَّ أكثر من شهر على وفاة المواطنة الاردنية حمدة، التي قضَت نحبها في المصنع الذي تعمل فيه وهي منكبة على ماكينة الخياطة تعمل لساعات طوال دون توقف، ونحن مازلنا نناقش كيف ماتت ولماذا ومن يتحمل المسؤولية.. اسبوع ونحن نلقي باللائمة على هذه الجهة او تلك، ونتعامى عن جوهر المشكلة، وكأنها المرة الاولى التي نسمع ونقرأ فيها عن العبودية الجديدة في المناطق الصناعية المؤهلة، وبعض البؤر الصناعية الاخرى المنتشرة في عدة مناطق شمال وشمال شرق المملكة..
لقد قتلناها جميعا، وها هو صمتنا وجهلنا وأنانيتنا سيقتل زميلاتها الواحدة تلو الاخرى، وفي كل مرة، سنبدأ لطمية جديدة، وبعد ايام معدودة سنعود لأشغالنا المعتادة، ويعدن هنّ لأعمالهن حيث يتجرعن الموت كل يوم.
نعم، ايها السادة، لا اعرف اذا كنا نستحق هذا الوصف فعلا، لقد شاركنا جميعا في هذه الجريمة، فبعضنا قام بإحضار الاداة التي استخدمت للاجهاز على الضحية، والبعض الاخر قام بربطها وتثبيتها، والبقية قامت بمحاصرتها كي لا تهرب، او كانوا سببا في وقوعها في الفقر، عفوا اقصد بوقوعها في الفخ، اما اولئك الذين كانوا يتابعون المشهد بصمت، فنظن ان الضحية كرهتهم اكثر من اولئك الذين نفذوا الجريمة بشكل مباشر.
الحكومة مسؤولة اخلاقيا ومعنويا عن وفاة حمدة، البرلمان شريك بتحمل العبء الاخلاقي، المنظمات الحقوقية مدانة، وسائل الاعلام متواطئة، الرأي العام غافل وجاهل وأناني، رأس المال جشع ومتوحش ومصاص دماء..
يبدو ان موت حمدة ليس كافيا لنستفيق، ليس كافيا لتدخل حكومي ينهي هذا الشكل من العلاقة الاذعانية، غير المتكافئة وغير الانسانية بين ارباب العمل، والعاملين لديهم، يبدو ان موتنا جميعا لن يكون كافيا لتتحرك هذه الحكومة، لتقوم بتصويب الاوضاع واعادة الامور الى نصابها الصحيح..
قتلنا حمدة، وها نحن اليوم نتبادل التعازي على شبكات التواصل التواصل الاجتماعي بمنتهى التصنع والبرود واللابالية، وسرعان ما سنعود الى رتابة الموت، الذي نظن انه حياة، وهو لا يشبه الحياة في شيء..