2024-12-23 - الإثنين
Weather Data Source: het weer vandaag Amman per uur
jo24_banner
jo24_banner

كيف نفرط بمئة عام من الانجاز والبناء بهذه الخفة وبلادة الاحساس ؟

باسل العكور
جو 24 :

 - لطالما كانت مدينة البتراء الخالدة مصدر الهام للاردنيين جميعا ، فقبل عقود من الزمن حفر ابناء هذه الارض المباركة في الصخر -بقلب الصحراء القاحلة - مدينة لهم  في محيط يعج بالقوى الكبرى الساعية للتوسع والسلطة والهيمنة . 

 في البدايات ، لم تمنع عظم التحديات و جسامة التضحيات هذا الشعب العظيم من المباشرة ببناء دولة حديثة ، لم تمنعهم من الحلم ،من تذليل كل العقبات سعيا لبناء كيانهم السياسي الذي كانوا يريدونه ان يكون مختلفا و متمايزا ، يريدونه واحة امن و استقرار وازدهار و معرفة و حرية، و ملاذا للباحثين عن وطن  ، حتى ان هذا الهدف تحول لدى رجالات الدولة آنذاك الى عقيدة راسخة .. الفشل لم يكن  خيارا ،التقاعس والاستسلام والتردد و الخوف  لم يكن مقبولا ، فتحول المجتمع برمته الى خلية عمل و بناء و انجاز ، حتى بتنا نملك جهاز ادارة عامة نباهي به الدنيا ، حتى بتنا نملك مؤسسات مدنية و امنية  تعمل بمنتهى التنظيم والتناغم والدقة والحرفية والفاعلية ، كان الاردن بقلب ووجدان كل القانطين بهذه البقعة الجغرافية ، فكانت المشاعر الوطنية طاغية الى درجة يمكن تشبيهها بالعدوى التي اصابت الجميع دون استثناء ..فما الذي حل بنا اليوم ؟ و ما الذي تغير ؟ و كيف  فرطنا بهذه السهولة والخفة وبلادة الاحساس بمئة عام من البناء و المجاهدة و المجالدة  ؟ كيف خسرنا تلك الروحية  وبتنا على حافة الافلاس العقدي و القيمي  والمادي ؟ 

بات واضحا ان المطلوب هو ان تفشل تجربتنا ،ان يتبدد الحلم ، ان يكبح  طموح المخلصين  بدولة عصرية ديمقراطية ناجحة بكل المعايير ، فليس مقبولا ان ينجح مشروع دولة للارادنة ، لن يقبل الراغبون باشاعة الفوضى وخلط الاوراق واعادة رسم حاضر ومستقبل المنطقة ،  ان يملك ابناء هذه الارض الطيبة  مقومات دولة ناجزة رغم محدودية الموارد والثروات الطبيعية ؟ 

مشاركون كثر في هذه المؤامرة ، فلقد تغلغل المفرطون الذين يعملون بتوجيه خارجي في مختلف وزارات و دوائر ومؤسسات الدولة  ، و انشغلوا بمنتهى الدهاء والمكر  بوأد المنجز ، و عملوا  على تفكيك البنى المؤسسية ، واقصاء المخلصين من اصحاب الكفاءة والانتماء الوطني ، لقد قام هؤلاء    بتبني مرجع معياري غير ذلك الذي تقوم عليه المؤسسات وتقوى ، فلقد باتت الفهلوة والوساطة والتوصية الامنية و الاندلاق اساسا لترقية وترفيع الموظفين الامر الذي تسبب بطرد الكفاءات، و وضع الاشخاص غير المؤهلين في مراكز مهمة وحساسة،  وهذا ما ادى لتراجع الحس الوطني في المؤسسات و تسبب بتراجع دراماتيكي في الاداء والخدمة التي تقدم ..،هذه الممارسة الشائهة باتت شائعة في جميع المؤسسات التربوية و التعليمية والصحية والخدماتية بانواعها ،حتى شاخت المؤسسات وتآكلت ادواتها وانعدمت فاعليتها . لقد خسرنا تماما ذلك المحرك وتلك الرافعة ، فما الذي تبقى اذا ؟ 

ما الذي يراد لنا ؟ و السؤال الاهم : لماذا  يشارك ابناء جلدتنا في اسكات الاصوات التي تؤشر على هذا المخطط  ،و تفضح مشروعهم الذين يريدون له ان ينشأ على انقاض دولتنا وحلمنا ؟ هل يظن هؤلاء - المنتشرون في مختلف دوائر صناعة القرار وفي مختلف السلطات -  ان ما يحققونه من مكتسبات انية سيضمن  مستقبلا مشرقا لهم و لابنائهم ؟ ولهؤلاء نقول :  ما فائدة كل هذه المكتسبات عندما نصبح بلا وطن ، بلا  وطن نحبه و ننتمي اليه ، يعبر عنا ويحمي مصالحنا وحقوقنا و نشعر بانه سكننا وملاذنا و مجالنا الحيوي ، ارجو ان تسألوا انفسكم : ما الذي ستتركونه للاجيال القادمة ؟

 
تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير