jo24_banner
jo24_banner

دروس الهدنة الانسانية

أحمد ذيبان
جو 24 :



كشفت فترة الهدنة الانسانية التي تم الاتفاق عليها وتنفيذها بين حركة حماس ودولة الاحتلال ، خلال الايام الماضية بوساطة قطرية مصرية اميركية ،عن العديد من التداعيات السياسية وأهمها أنها تمت من خلال مفاوضات متكافئة ، بعكس ما أعلنت حكومة نتنياهو بعد بدء الحرب البرية أنها ستطلق سراح الأسرى والمحتجزين بالقوة ! كما أظهرت هذه الصفقة بروز حركة حماس كمفاوض مهم في أي عملية سياسية قادمة ، وتثبيتها كعنوان مهم في القضية الفلسطينية ، وقد تحدث العديد من قادتها خلال فترة الحرب ، عن رؤيتهم لفترة ما بعد الحرب وأهمها اقامة دولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس.

وثمة عنصر مهم أيضا ، يتمثل بكشف زيف الادعاءات التي روجت لها اسرائيل بعد السابع من اكتوبر، عن جرائم ارتكبها المقاتلون الفلسطينيون مثل قطع رؤوس الاطفال الاسرائيليين ، الامر الذي أحدث تحولات لافتة في الرأي العام الدولي من خلال التظاهرات الحاشدة في دول كثيرة تعبر عن التعاطف مع الشعب الفلسطيني وتندد بالحرب الاسرائيلية على قطاع غزة وتطالب بوقفها ، كما عبر عن هذه التحولات المواقف السياسية للعديد من الدول ، وكان أكثرها وضوحا تصريحات رئيسي وزراء اسبانيا وبلجيكا عند معبر رفح ، الذين انتقدا بشدة الجرائم التي ترتكبها اسرائيل الحرب على غزة وانتهاكها للقوانين الدولية ،وهو ما أغضب الحكومة الاسرائيلية التي استدعت سفيري البلدين لما اسمته " توبيخ قاسية "!"

أما على الصعيد الانساني فكانت النتائج التي رصدتها وسائل الاعلام مهولة ، وكانت مخفية عن الانظار بسبب تواجد قوات الاحتلال البرية في مناطق مختلفة من القطاع ، وهي مشاهد تستحق تسليط الضوء ، لما تؤشر عليه من شهوة القتل والتدمير لدى سلطات الاحتلال .

وضمن أهم ما كشفت عنه الهدنة ، حجم الجرائم والمجازر وعمليات الابادة الجماعية والمعاناة الانسانية الهائلة ، التي تتمثل بالدمار الشامل الذي طال المجمعات السكنية ما دفع مئات الالاف من أصحابها للنزوح باتجاه الجنوب ، وتدمير ممنهج للبنية التحتية من المستشفيات والمرافق الحيوية الأخرى، مثل مصادر المياه والكهرباء ومختلف المنشات الضرورية التي تتعلق بالحياة اليومية ، وعدم توفر الغذاء والمياه والدواء ووقف امدادات الوقود ، فضلا عن تعرية الأكاذيب التي حاول العدو الترويج لها فيما يتعلق بوجود مقار للمقاومة أو محتجزين داخل المستشفيات ،والتي ظهر زيفها وكانت مجرد ذريعة لتدمير المستشفيات واخراجها من الخدمة وحرمان الجرحى والمرضى من أي رعاية صحية، وانتشار جثامين الشهداء في الشوارع تنهشها الكلاب ،وقيام قوات الاحتلال بسرقة عدد كبير منها !

وكانت صورا مفزعة التي بثتها العديد من الفضائيات ووسائل الاعلام لبعض اللاطفال وأهاليهم ، الذين يبحثون عن بعض متعلقاتهم وما تبقى من امتعتهم تحت انقاض مساكنهم ، وما تحدث عنه الاطفال بروح مكسورة أنهم يبحثون عن ألبستهم الشتوية لمواجهة البرد !

وعنصر آخر كشفت عنه فترة الهدنة، وما تخللها من تبادل الأسرى الفلسطينيين والاسرائيليين والمحتجزين الاجانب من "النساء والاطفال"، وهو الفرق الكبير بين معاملة الطرفين" اسرائيل والمقاومة الفلسطينية " للأسرى والمحتجزين ، سواء خلال فترة الأسر أو عند تنفيذ عمليات الافراج عنهم ، وهو ما تم توثيقه من خلال شهادات بعض هؤلاء ، فبينما كانت معاملة المقاومة الفلسطينية للأسرى والمحتجزين انسانية وأخلاقية والحرص على تقديم الرعاية اللازمة لهم وعدم الاساءة لهم ، وتقديم ما يلزمهم من غذاء وشراب ودواء رغم قسوة الظروف الناجمة عن القصف الوحشي الجوي والمدفعي ، وهو ما تحدث عنه بعض المحتجزين والأسرى الاسرائيليين للعديد من وسائل الاعلام ، رغم ممارسة سلطات الاحتلال الضغوط لاخفاء هذه الحقيقة ، في المقابل تميزت معاملة سلطات الاحتلال للأسرى الفلسطينيين بالوحشية والتعذيب النفسي والجسدي وعدم تقديم الطعام الكافي لهم والتقصير في معالجتهم بل وحتى توقيعهم على تعهد بعدم الاحتفال بتحررهم وعدم تقديم الحلوى، وحتى منع رفع الاعلام الفلسطينية !


Theban100@gmail.com
 
تابعو الأردن 24 على google news