jo24_banner
jo24_banner

سر فشل التجارب " الديمقراطية العربية "!

أحمد ذيبان
جو 24 :  

 لم يكتب لتجربة ديمقراطية عربية أن تكتمل كما حدث في بلدان كثيرة عمرها قصير في مختلف القارات ، الى درجة أن البعض صار يشكك بأن "الجينات العربية ” ، لا تتقبل الممارسة الديمقراطية وهي تتفاعل "غريزيا "مع الاستبداد والثقافة الأبوية ، وهذا كلام غير علمي ويتنافى مع الطبيعة الانسانية ، وإلا أصبحنا بحاجة الى تدخل جراحي لتعديل الجينات !

والقاعدة البدهية تقول، أن البشر متساوون في المدارك والخلايا الدماغية والرغبات ، ويتم تنمية الذكاء وتطوير السلوكيات بالتعليم والتربية والتثقيف ،عبر مراحل التطور الحضاري التاريخية المتعاقبة ، وبضمن ذلك إنتاج أساليب وآليات حكم ومؤسسات تكرس عملية الممارسة الديمقراطية ، لكي يتمكن الناس من المشاركة في إدارة شؤونهم والتنافس على وضع السياسات المتعلقة بذلك ، لكن التباين في وصول المجتمعات الى هذه المرحلة ، يتعلق بالتجربة والتربية وتكريس الثقافة والسلوك الديمقراطي.

ثمة حالة غريبة يمكن الاشارة اليها لجهة التمسك بكرسي الحكم حتى الممات ، ربما لم يسبق لها مثيل عبر التاريخ حدثت في الجزائر ، حيث حكمها لمدة 20 عاما الرئيس الراحل عبد العزيز بوتفليقية ، وكان يعاني من أمراض عديدة ذهنية وجسدية تعيقه عمليامن ممارسة الحكم ، حيث كان يتم نقله على كرسي متحرك ، ومع ذلك أصرت قيادة الحزب الحاكم على ترشيحه لولاية خامسة عام 2019، وأعلن هو استجابته لهذا الطلب ثمسافر الى سويسرا للعلاج ، بل أن أحد الوزراء وقف في اجتماع عام ليقول: ” نهنيء أنفسنا على قبول الرئيس بوتفليقة الترشح لولاية خامسة” ! وكأن بلد المليون شهيد ليس فيها كفاءات وقيادات سياسية ، ومن أطرف التعليقات التي تم تداولها عبر وسائل التواصل الاجتماعي ، أن الحزب الحاكم أصدر بيانا أكد فيه ” أن وفاة بوتفليقةلن تعيقه عن ممارسة صلاحياته الرئاسية من داخل القبر ” ! لكن هذه الحالة فجرت غضب الشارع الجزائري ، الذي انتفض مطالبا برفض ترشح بوتفليقة وعزله وهو ما تحقق..

القضية تتعلق بتوفر الإرادة السياسية.. وثمة ذريعة جاهزة تكررها النخب السياسية والاعلامية والادارية والثقافية المستفيدة من الوضع القائم، وهي أن مجتمعاتنا غير جاهزة للديمقراطية ، وبحاجة الى عشرات السنين لكي تنضج ! وثمة عنصر يلعب دورا مهما في تكريس هذه الحالة العربية وهو وجود دولة الاحتلال الصهيوني ،والتجارب العملية أكدت أن أي تجربة ديمقراطية عربية تحمل بشائر التفاؤل يتم إحباطها .

ويجدر ملاحظة أن البلاد العربية تحتل موقعا استراتيجيا مهما ، يتوسط العالم وتمتلك ثروات طبيعية هائلة وكوادر بشرية مؤهلة ، وكانت عبر القرون مطمعا للدول الاستعمارية، وتم تقسيمها الى دول متناحرة وزرع الكيان الصيهوني داخل فلسطين ، في إطار مخطط لمنع أي محاولة وحدوية ، لهذا الجسم المتجانس في اللغة والثقافة والتاريخ والمصالح وإبقائه يعتمد على الخارج ، لذلك ليس من مصلحة الدول الكبرى الطامعة نجاح تجارب ديمقراطية عربية .

لا أريد الاستشهاد بالتجارب الديمقراطة في الدول المتقدمة، لكن حقائق التاريخ تشير الى أن الإرث الحضاري لدى العرب متقدم على عديد الدول، التي نجحت فيها التجارب الديمقراطية وتكريس مبدأ تداول السلطة في آسيا وإفريقيا ، مثل تايلاند وماليزيا وجنوب افريقيا ونيجيريا والسنغال وكوريا الجنوبية ، حيث تجري الانتخابات هناك وفق جداول زمنيةمحددة وبصورة دورية ، ويتم انتخاب الرؤساء والحكومات وممثلي الاحزاب في البرلمان ، وهناك رؤساء خسروا الانتخابات وهم في سدة الحكم ، ولم ينقلبوا على النتائج رغم أنهم يمسكون بالسلطة ! كما حدث في السنغال التي حكمها الرئيس”عبده ضيوف” منذ عام 1981إلى مارس- آذار 2000م ، وقبل ذلك شغل موقع رئيس الحكومة بين عامي 1970 و1980م ، كما ترأس منظمة الوحدة الإفريقية في إحدى دوراتها ، وأسهم إسهامًا كبيرًا في إنجاح مؤتمرات القمة الإسلامية ، لكنه خسر الانتخابات الرئاسية عام 2000 لصالح منافسه"عبد الله واد” ، وقد أقر ضيوف بانتصار منافسه، وعلق واد على ذلك بقوله : إن "ضيوف" يستحق جائزة نوبل للسلام لتركه السلطة سلمياً ،وكانت أحدث انتخابات ديمقراطية في السنغال قبل أسابيع ونجح فيها باسيرو ديوماي فاي ودخل القصر الرئاسي بسهولة ، وهو أصغر رئيس ينتخب لهذا البلد !

Theban100@gmail.com

كلمات دلالية :

تابعو الأردن 24 على google news