حرب غزة بين الهدن المؤقتة والوقف الكامل للحرب.
كمال زكارنة
جو 24 :
اسرائيل والولايات المتحدة الامريكية متفقتان من حيث المبدأ على انهاء او اضعاف المقاومة الفلسطينية،بحيث لا تعود قادرة على تهديد الامن الاسرائيلي مستقبلا،لكن النقاش بينهما ،ولا نقول الخلاف،يدور حول كيفية تحقيق هذا الهدف ،وهنا تفضل الادارة الامريكية عدم المبالغة في قتل المدنيين الفلسطينيين، والحذر من تجاوز سقف معين لاعداد الضحايا المدنيين، مع استمرار الابادة الجماعية للشعب الفلسطيني.
في ظل الفشل الاسرائيلي المستمر، في الوصول الى اي هدف من اهداف الحرب ،او تحقيق اي انجاز عسكري على الارض،فلا المقاومة انتهت واجتثت،ولا التهجير الجماعي حصل،ولا تحرير الاسرى الاسرائيليين لدى المقاومة الفلسطينية تحقق،وامامم الخسائر الفادحة جدا،التي تكبدها الجيش الاسرائيلي ويتكبدها بعد مرور 82 يوما على الحرب المتواصلة على قطاع غزة،لجأت اسرائيل الى تغيير خطة العدوان على القطاع ،توفيرا للخسائر الكبيرة في المعدات والجنود والضباط،وقامت بوضع خطة بديلة ،ليست جديدة لانها تنتهجها دائما في حربها مع المقاومة الفلسطينية ،في الداخل والخارج،حيث تقوم بسحب الاليات والجيش من الاحياء السكنية وتعيد تموضعها وتجميعها في مواقع بعيدة ،ومن ثم تواصل توجيه ضربات مركزة ومحددة ومشددة ،جوية وبرية وبحرية،وبواسطة انزال قوات من الكوماندوز في غارات ليلية وتهارية ،على مواقع منتقاة ،داخل قطاع غزة،بعد المراقبة الدقيقة والحثيثة والمستمرة لنشاط المقاومة وتحركاتها وتحديد مواقعها.
وهي بذلك تتجنب المواجهات المباشرة مع المقاومة ،وتبعد الاليات عن مرمى قواذف المقاومة ،وتستمر في حرب استنزاف طويلة ضد المقاومة من بعيد،في محاولة لاجهاض قوات المقاومة وارباكها واشغالها بشكل دائم وانهاكها ،وايقاع اكبر الخسائر في صفوفها وفي بنيتها العسكرية والتحتية والتنظيمية ،وهذا الاسلوب من الخطط العسكرية يستخدمه جيش الاحتلال في الضفة الغربية حاليا،وسبق وان استخدمه في لبنان.
هذا التغيير في النهج والعمل العسكري الاسرائيلي في قطاع غزة ،يؤشر على عدة امور، اهمها،ان العدوان العسكري على المقاومة الفلسطينية فشل فشلا ذريعا ،وان جيش الاحتلال مني بهزيمة ساحقة في القتال،وان المجتمع الاسرائيلي والجيش الاسرائيلي لم يعودوا قادرين على تحمل الخسائر الكبيرة جدا في الارواح والمعدات جراء هذا العدوان الاجرامي النازي المتواصل على الشعب الفلسطيني،وان جيش الاحتلال لم يعد لديه امل بالانتصار على المقاومة الفلسطينية، وفضل الانكفاء الى حرب الاستنزاف عن بعد،وادرك ان المقاومة الفلسطينية مستعدة لحرب طويلة ولن تستسلم ولن تنهزم،وان الشعب الفلسطيني حاضنة المقاومة في قطاغ غزة، متشبث في ارضه حتى الموت .
بموازاة ذلك تحاول سلطات الاحتلال بالتعاون مع الادارة الامريكية خداع المقاومة الفلسطينية ،من خلال طرح هدن مؤقتة تفضي الى الافراج عن الاسرى الاسرائيليين ،او عن عدد منهم ،وتصر على رفض الوقف الكامل للحرب والعدوان على غزة،لتحقيق هدفين،الاول تحرير الاسرى الاسرائيليين لدى المقاومة مقابل الافراج عن عدد محدود من المعتقلين الفلسطينيين "ثلاثة مقابل واحد"،ومن ثم العودة الى استئناف الحرب والابادة الجماعية للشعب الفلسطيني، وحرق قطاع غزة بالكامل فوق الارض وتحت الارض.
المطلوب من المقاومة الفلسطينية التمسك بموقفها الرافض كليا للهدن المؤقتة مهما كانت مدتها ،الا اذا توفرت ضمانات دولية حقيقية ملزمة للاحتلال ،بأن هذه الهدن ستؤدي الى وقف الحرب بشكل كامل،دون ان يتاح للاحتلال فرصة استئناف الحرب مرة اخرى،مع الاخذ بعين الاعتبار الاحتفاظ باكبر عدد ممكن من الاسرى الاسرائيليين اطول مدة ممكنة ،حتى تتحقق شروط المقاومة.