غزة تفشل مخطط الصحوات وروابط القرى
كمال زكارنة
جو 24 :
العجز الاسرائيلي وفشل العدوان العسكري الصهيوني على قطاع غزة ،الذي تحول بشكل سريع جدا الى حرب ابادة جماعية شاملة ،وتخبط وارتباك الحكومة الفاشية في الكيان الغاصب بقيادة نتنياهو،نتيجة العجز والفشل في تحقيق اهداف الحرب الاجرامية على القطاع ،دفعت حكومة الاحتلال للبحث عن وسائل واساليب اخرى لتحقيق تلك الاهداف المعروفة،وهي القضاء على المقاومة الفلسطينية ،وتحرير الاسرى الاسرائيليين لدى المقاومة ،وتهجير سكان قطاع غزة ،وايجاد منطقة امنية عازلة داخل اراضي قطاع غزة.
من هذه الاساليب ،انها رجعت لتقليب صفحات في تاريخ الكيان الفاشل ، خاصة من عقد السبعينيات ،عندما حاولت انشاء ما سمي آنذاك روابط القرى لتكون بديلا عن منظمة التحرير الفلسطينية،وجوبهت تلك الخطة بمقاومة عنيفة في الضفة الغربية ،قادها رموز وطنيون ،هم بسام الشكعة وفهد القواسمي ومحمد ملحم وغيرهم،وتمكن الشعب الفلسطيني من افشالها ووأدها في مهدها.
اليوم تحاول حكومة الاحتلال بالتعاون مع حليفتها وشريكتها في العدوان على قطاع غزة،الولايات المتحدة الامريكية،اعادة التجربة التي فشلت في الضفة الغربية ،وخطة الصحوات التي اقامتها امريكا في العراق ،تطبيقها في قطاع غزة بصناعة روابط مدنية عشائرية تحكم قطاع غزة بعد انتهاء الحرب ،لتحقيق عدة اهداف، اهمها،تفتيت النسيج الاجتماعي الوطني الفلسطيني في القطاع،وخلق صراع وتناحر لاينتهي، بين العشائر ذاتها على السلطة والحكم ،وتفجير الاوضاع الامنية بين فصائل المقاومة واحواضنها الشعبية،واشعال حرب اهلية مدمرة في القطاع قد تمتد الى الضفة الغربية،وصولا الى تحقيق اهداف الحرب الاسرائيلية التي عجزت امريكا واسرائيل ودول اوروبية اخرى تشارك في الحرب ،مثل فرنسا وبريطانيا والمانيا وعيرها،عن تحقيقها،وقطع الطريق على انشاء اي شكل من اشكال النظام السياسي الفلسطيني،ودفن فكرة اقامة الدولة الفلسطينية المستقلة تماما،لأن الروابط العشائرية حسب المخطط الامريكي الاسرائيلي سوف تكون في حضن الاحتلال ،ولن تخرج منه الا الى الزوال.
لكن بقدر ما يتهم الاحتلال بالذكاء،فانه يغرق في محيط من الغباء،لأن الشعب الذي رفض روابط القرى في السبعينيات ،لن يمرر مؤامرة الروابط العشائرية اليوم،ثم ان المقاومة التي تهدف حرب امريكا واسرائيل للقضاء عليها ،خلقت ووجدت من رحم العشائر الغزاوية،والمقاومون هم ابناء العشائر ،فكيف يمكن للعشائر ان تنقلب على ابنائها،وبأي منطق يطلب الاحتلال من عشائر غزة التعاون معه ،بعد ان دمر قطاع غزة بالكامل ،وارتكب مجازر ومذابح وابادة جماعية شاملة ،لم يشهدها تاريخ البشرية من قبل،اذ لا يوجد بيت او اسرة او عشيرة في قطاع غزة الا فقدوا شهداء ومصابين ومفقودين ومعتقلين،وكل ما يملكون من منازل ومصالح وعمل ورزق ،وكل مقومات الحياة ،اضافة الى الحصار الغذائي والمائي والدوائي والصحي والتعليمي وغيره،حتى ماتوا جوعا وعطشا ومرضا .
قبل ان يفكر الاحتلال بانشاء روابط مدنية وعشائرية ،موالية له في قطاع غزة والضفة الغربية ،عليه ان يفكر بالطريقة الاكثر امنا له للهروب من فلسطين ،لأن المستقبل يحمل له مفاجئات قاتلة.
ما يؤكد غباء العدو ايضا ،تكرار نفس الاخطاء والمحاولات الفاشلة والتجارب العقيمة مع الشعب الفلسطيني،وهو يخوض حربا مع اقل من ثلث عدده في فلسطين التاريخية،ويذيقه مرارة الهزيمة ،للشهر السادس على التوالي ،رغم وقوف امريكا واوروبا عسكريا وامنيا وماليا وسياسيا وقضائيا مع الاحتلال.
غزة بكل عشائرها واطيافها وشرائحها، ومشاربها السياسية والاجتماعية والفكرية، رفضت المحاولة والخطة والمخطط ،وهو في مهده وقبل ان يرى النور.
الاحتلال اليوم يمر في اصعب مراحله منذ ستة وسبعبن عاما ،فهو يواجه جيل فلسطيني مقاوم ،ومقاومة فلسطينية ،لا تعرف الخوف ولا التنازل عن الحق والارض والوطن ،ولا تقبل الا بالحرية والاستقلال وتقرير المصير واستعادة كامل الحقوق المغتصبة.
كلما زاد تطرف وتشدد واجرام وارهاب الاحتلال،كلما زادت صلابة المقاومة الفلسطينية ،واشتدت القبضة الفلسطينية على الارض والوطن والحق وانجاز المشروع الوطني الفلسطيني.
لن يقبل ولن يجرؤ اي فلسطيني ،مهما اوهمه الاحتلال بمغريات الحكم والامن والمال ،ان يأتي ليحكم غزة على دبابة اسرائيلية ،لسببين اولا ،ان الشعب الفلسطيني هو الذي يختار من يحكمه،والثاني ان مصير من يتماهى مع الاحتلال ان وجد،سوف يكون الموت المحقق.