ابادة شاملة اكثر من جماعية
كمال زكارنة
جو 24 :
جعلت اسرائيل من المساعدات الملقاة جوا على سكان قطاع غزة سببا للموت،في اطار حرب الابادة الشاملة التي تشنها على قطاع غزة ،بهدف اجتثاث واقتلاع الحياة من ارض القطاع،وتطهير وتمشيط كامل مساحته (362 كم2) من البشر ،وتحويلها الى ارض جرداء محروقة غير قابلة للحياة والعيش حاضرا ومستقبلا، ان استطاعت.
الابادة الشاملة التي تقوم بها اسرائيل في قطاع غزة واضحة وظاهرة للعيان،وتتم بتواطؤ دولي عالمي غير مسبوق في تاريخ البشرية،فهي تمارس الابادة الجماعية ،وتقتل من تستطيع قتلهم والوصول اليهم جماعات،وفي ذات الوقت تقتل ببطء متفاوت السرعات والدرجات،مئات الآلاف من الغزيين،بالتجويع والمرض والتعطيش ومنع الاكسجبن والدواء والوقود، وتدمير البنى الصحية والتعليمية والتحتية واللوجستية،وقتل الحياة عموما، من خلال نشر الاوبئة والامراض المعدية ،وفقدان المناعة بسبب سوء التغذية،وانجاب اجيالا لا حول لها ولا قوة ،غير مكتملي النمو ،ومعاقين ،يشكلون اعباء اضافية على المجتمع الفلسطيني،لا يستطيعون فعل اي شيء ،وصولا الى انقراض الحياة تماما في قطاع غزة.
كل ذلك عقابا لقطاع غزة الذي انجب وانتج هذا الجيل، الذي غير مسار التاريخ يوم السابع من اكتوبر الماضي ،وحطم اسطورة وهيبة وصورة جيش الاحتلال في غلاف عزة .
وتسعى اسرائيل بكل ما يتاح لها من قوة وتأييد ودعم امريكي واوروبي وعالمي ،الى تدمير وتحطيم الشعب الفلسطيني في قطاع غزة وابادته بالكامل قتلا،واجتثاثه تهجيرا،ومنعه من انجاب وانتاج اجيال قادمة ،نتيجة شعور اسرائيل بخطر التهديد الوجودي الحقيقي، القادم من قطاع غزة.
الولايات المتحدة الامريكية بدورها ،تحاول ان تستغل عمليات الانزال الجوي للمساعدات الاغاثية في قطاع غزة ،والحديث عن ممر مائي لايصال المساعدات ،لتحقيق عدة اهداف، تختلف تماما عن اهداف عمليات الانزال الجوي التي ابتكرها ونفذها الاردن قبل الجميع،من اجل انقاذ ما يمكن انقاذه من المرضى والجوعى الغزيين.
اهداف امريكا هي،ادامة الحرب واطالة امدها،وتمكين اسرائيل من مواصلة العمل على تحقيق اهداف حربها الوحشية على القطاع عسكريا،ومواصلة حرب الابادة الشاملة ضد قطاع غزة،وتحييد الاونروا والغاء الدور الانساني والاجتماعي الذي تقوم به في قطاع غزة ،وانهاء الاعتماد عليها كليا تمهيدا لالغاء الوكالة تماما،وتصفية قضية اللاجئين الفلسطينيين،ومن ثم تهجير من لم يمت من سكان القطاع الى خارج فلسطين بلا عودة.
تقول الادارة الامريكية انها القت فوق قطاع غزة جوا 38 الف وجبة طعام،لنفترض انها وصلت جميها لاهالي القطاع،فان امريكا تحتاج الى الفين وجبة اخرى ،حتى تصبح المعادلة صحيحة ،ويكون وجبة طعام لغزة مقابل كل طن متفجرات امريكية،انها مسخرة ومهزلة حقيقية ،ونكتة مضحكة ومبكية في ذات الوقت، ان تقدم امريكا مساعدات اغاثية لقطاع غزة،وهي رأس الحربة في حرب الابادة الشاملة على القطاع،وسلاحها وجيشها يحرق الارض والبشر في القطاع مع بدء الشهر السادس للحرب دون توقف.
حكومة الاحتلال ليست بوارد صفقات اسرى ولا وقف العدوان،ولا اي توجه للهدوء والتهدئة،هم يستعدون لحروب قادمة اوسع واشمل،ويتخذون قرارات لتعزيز وزيادة اعداد جيشهم ،وتجنيد المتدينين،وزيادة مدد الخدمة العسكرية،لتقليل الاعتماد على المرتزقة الاجانب والاحتياط،ولا يضعون ضمن استراتيجيتهم اية توجهات للسلام.