الهاجس من الانتخابات النيابية القادمة والتخوف من نتائج "طوفان الاقصى"
زكي بني ارشيد
جو 24 :
في الوقت الذي يُسجل فيه الشعب الفلسطيني أسطورة تاريخية في الصمود والثبات وتحمل نتائج حرب الاجرام النازيّة والإبادة الجماعية، وتتألق فيه كتائب المقاومة الفلسطينية في تظهير مرحلة جديدة لمواجهة الاحتلال "الإسرائيلي" واعادة ضبط توجهات ملامح الشرق الأوسط العربي، ومع تطور الموقف الأردني المعبر عن التضامن مع القضية الفلسطينية وفي مواجهة المشروع الصهيوني الذي يستهدف الأردن كما فلسطين، في هذه المرحلة الحرجة، وبدلاً من تدشين مرحلة وطنية عنوانها الابرز حوار وطني مجتمعي جامع وشامل، بدلاً عن ذلك تتزايد فيه اعداد المعتقلين الأردنيين من أصحاب الرأي المعارض او المخالف لسياسة الحكومات والأجهزة الأمنية.
في هذه الاثناء يظهر رأي لمن يصفون أنفسهم بالمحافظين السياسيين، يستدرك فيه على الموقف المتقدم الذي صرحت به المستويات الرسمية وصدحت به جميع المكونات الشعبية، وتبناه الخطاب الاعلامي في لوحة فنية متميزة!
مبعث الرأي المخالف هو الهاجس من الاستحقاق الإنتخابي الدستوري القريب والتخوف من النتائج الإقليمية لحرب طوفان الأقصى.
هذا الرأي من حقه ان يعبر عن نفسه بأريحية كاملة ، تماماً مثل حق المخالفين في مناقشة أصحابه وحوارهم مع تبادل الاحترام والود الذي لا تفسده المخالفة، بعيدا عن التخويف والاتهام.
لكن الذي يستدعي الانتباه على المستوى المحلي هو ان المطالبة بإحالة الاستحقاق الإنتخابي إلى المستقبل من غير رؤية سياسية، إنما يعبر ضمنياً عن ضعف الدولة الاردنية وهشاشتها في حين أن الالتزام بإجراء الإنتخابات في وقتها يعبر عن قوة الدولة وقدرتها وتماسكها، ولان الهواجس المتضخمة تصنع مشكلة داخلية وتشكل خطوة إلى الوراء للتراجع عن نتائج منظومة التحديث السياسي، اما على المستوى الإقليمي والدولي، فإن الإجماع الوطني متفق رسميا وشعبيا بأن الخطر الحقيقي على الاردن هو المشروع الصهيوني وطموحات حكومة التطرف والارهاب "الإسرائيلية" التي استباحت جميع المحرمات، وارتكبت أشد انواع الإرهاب والإجرام، مع التذكير ان اللحظة مواتية لفرض المزيد من العزلة الدولية على "إسرائيل" التي تقف اليوم في قفص الاتهام اَمام محكمة العدل الدولية.
بعد مائة يوم من الحرب وفشل "إسرائيل" في تحقيق أهدافها من الحرب، لا يخفى على اي مراقب تراجع منسوب ولغة ومواقف بعض الدول التي انحازت او تضامنت مع الاحتلال في بداية الحرب، وأن تلك الدول شهدت مراجعات بضغط شعبي واستدراك من بعض صناع القرار في بلادهم، وأصبح الصوت الأكثر علواً وتداولاً هو وقف العدوان وإنهاء الاحتلال تمهيداً لفتح الافق السياسي لحل القضية الفلسطينية بعد أن طُويت من الملفات والهيئات الدولية.
بكلمة مختصرة حق الإختلاف مصان، ومراجعة المواقف بمنهج علمي موضوعي مهم، والمشكلة في غياب الحوار، وضعف إدارة الإختلاف، وتصعيد لهجة الاتهام، والمصلحة الوطنية تقتضي الحوار وتطوير الموقف والدور الأردنى ووقف التراشق الاعلامي الذي يجرح الشعور الوطني بما تم إنجازه.
"إسرائيل" نافخ كير، وحصانٌ خاسرٌ ومركبٌ غارق ومن يراهن عليه سيخسر الرهان وسيلحقه أذى