jo24_banner
jo24_banner

منابت الغلو و ثقاقة التطرف

زكي بني ارشيد
جو 24 : الظاهرة العنيفة التي تجتاح المنطقة وتضرب بقوة أساس البنيان الاجتماعي والثقافي والسياسي ويجتمع من أجلها سراً وعلنا حكام المنطقة تحتاج إلى مقاربة أصولية تستند إلى معالجة جذرية قوامها الفكر المنشئ لهذا المنهج وما ينتج عنه من سلوك مرعب.

أساس الظاهرة فكري وميدان المواجهة في ذات الحقل والبيدر.

وإذا كانت القواعد الأصولية المتفق عليها "أن الأحكام الشرعية تقدر وفقاً لتغير الأحوال والازمان والمكان" حتى في المدرسة الفقهية الواحدة ظهر مصطلح القديم والجديد والمتقدم والمتأخر وما من حكم شرعي إلا وله استثناء أو عليه استدراك ما يعني ضرورة التجديد وديمومة التطوير المحكوم بضوابط المقاصد الكلية التي تميز الدين عن الهوى والنص المقدس عن الفهم الحصري لاجتهاد المراجع أو الموروث الفقهي الذي أغلق باب الإجتهاد والإبداع.

سطوة التراث أقسى من استبداد السلطان واسوء حالات التخلف التي مرت بالبشرية تحالف السلطة السياسية مع السلطة الدينية الخاضعة لإجتهاد ديني محدد وفي هذه الحالة يجتمع على الناس الاستبداد السياسي والقمع الديني كما حصل في القرون الوسطى التي شهدت تحالف الممالك الأوربية مع الكنيسة الكاثوليكية وانتجت محاكم التفتيش وصكوك الغفران.

المراجعات الأصولية للموروث التراكمي يحتاج الى شهداء تماماً مثلما يحتاج السلطان الجائر إلى معارضة جريئة لانتزاع الحرية بدماء الشهداء.

في تراثنا مقدسات ما أنزل الله بها من سلطان منحت العصمة للأئمة والعلماء ووضعتهم في مكانة لا يبلغها نبي مرسل ولا ملك مقرب.

والأمة الإسلامية تزخر بالملايين من الشهادت العلمية والتخصصات الشرعية ولا تحتاج إلى المزيد بقدر حاجتها إلى مجددين ومجتهدين وشهداء لتنقية التراث والموروث.
وبغير ذلك سيتعزز المنهج التكفيري وما ينشأ عنه من سلوك إرهابي .

وحتى لا يبقى العرض مجردا ساعرض مثالا لتوضيح المقصد ربما يثير الغضب أو ما هو اكثر
فمع الاحترام والتقدير لمكانة الشيخ ابن تيمية فقد ذكر في كتابه - الذي يعتبر مرجعا علميا لا يستغنى عنه وخاصة عند المدرسة السلفية - الكتاب هو "مجموع الفتاوى".

1-فقد ذكر فيه كلمة.."فإن تاب وإلا قتل".. (75) مرة.
2- وكلمة.."فهو كافر".. (111) مرة.
3-وكلمة .." يجب قتله".. (13) مرة
4- وكلمة.."وجب قتله".. (9) مرات
5- وكلمة.."فإن أصر على ذلك قتل".. (مرة واحدة).
6-وكلمة.."قتل باتفاق الفقهاء"..(مرة واحدة).
7-وكلمة.."جاز قتله".. (مرتين).
8-وكلمة.."فهو مرتد"..(5)مرات.
9- وكلمة.."فإن تابوا وإلا قتلوا"..(3) مرات.
10-وكلمة.."كافر مباح الدم"..(مرتين).
11- وكلمة.."فهو زنديق"..(4) مرات.

ومن الامثله على تلك الاحكام ..(تكفير وقتل من يجهر بالنية) "..مجموع الفتاوى(ج5صـ153).

وكذلك تكفير وقتل من يأكل الحيات ومن يتاخر عن الصلاة والغريب تحريمه لعلم الكيمياء لظنه ان هذا العلم يصنع الذهب والفضة .

والاغرب من ذلك تحريم تدريس الكيمياء في الموصل ....

فقدان المرجعيات الشرعية وغياب الشخصيات العلمية ذات الأفكار والقدرات التجديدية جرد الامة من تميزها وافقدها دورها.

وهذا لا يتنافى مع أن دوافع غالب الشباب المنتمي لهذا الفكر هو الإيمان والرغبة بنصرة الدين وإقامة دولة الإسلام، والاستعداد للتضحية والاستشهاد في سبيل ذلك. وقد وجدوا في تنظيم الدولة الإسلامية " داعش" الجماعة الأقدر على تحقيق ذلك.

قصة "داعش" ليست مرتبطةً فقط بهويات مغلقة، وغطرسة متعالية، أنتجت هذا التنظيم الذي التَهَم مساحات واسعة من دولتين عربيتين بتسارع مخيف. وليست مرتبطة ايضا بجماعة تعيش حُلم التاريخ، فجذبت أصحاب الحماسة والتضحية.

بل هي، أيضاً، نتيجة واقعٍ عربي صعب، سُدت به كل نوافذ الأمل، وقُمعت به أشواق الشعوب نحو التحرر والكرامة، وأُهينت الشريعة، باستبعادها أو استخدامها، التي يفديها كثيرٌ من الشباب المؤمن بروحه ودمه وماله، فمثلت داعش لبعضهم ثورة من أجل استعادة "دولة الإسلام" من جديد، دولة اليوتوبيا وحُلم الخلاص، لكنها ثورة استصحبت فصولاً من فقهٍ سياسيٍ، نتج في زمن الاستبداد والمُلك العضوض، تُشرَّع فيه الغاية على حساب الوسيلة، وتُرتكب فيه الموبقات، تحت لافتة " الخلافة الاسلامية".
تابعو الأردن 24 على google news