عندما يصغر الكبار
مبادرة وزير الخارحية الاميركية "جون كيري" ليست الأولى التي تتعرض فيها القضية الفلسطينية للمؤامرة فمشاريع التهحير والتشريد والاحلال والاستيطان والتهويد والتوطين بدأت قبل قيام الكيان الصهيوني بقرن من الزمان. إذاً ما هو الجديد الذي أثار الذعر لدى الاردنيين والفلسطينيين؟ .
العجوز كيري السبعيني المنتمي الى اليمين المتطرف بالولاء لـ "اسرائيل" اكثر من كونداليزا رايس ومادلين اولبرايت اعرب عن أمنيته بأن تمتد حدود "اسرائيل" الى ما بعد سيناء في اشارة واضحة الى شعار "اسرائيل الكبرى من الفرات إلى النيل" ولهذا ايضا كان كيري ولا يزال من اشد صقور الإدارة الأمريكية تأييداً للانقلاب العسكري في مصر حتى يتكمن من تحقيق حلم الدولة اليهودية على أرض فلسطين التي يعتبرها أرضا بلا شعب لشعب بلا ارض.
جون كيري معني بتصفية القضية الفلسطينية سياسياً من خلال حل سلمي ينهي الصراع مع العدو المحتل ومعني أيضاً بإبادة الشعب الفلسطيني ولا يبالي ان كانت المذابح على يد العصابات الصهيونية او كانت التصفية على يد قوات دايتون الفلسطينية او كاتت الابادة بواسطة براميل القتل السورية او كان الموت جوعا بحصار مخيم اليرموك او احكام الحصار على غزة واغلاق المعابر او تدمير الأنفاق وإفساد الفضاء الإعلامي بحملة تشويه وشيطنة لحركة المقاومة الفلسطينية على ايدي سلطات الانقلاب في مصر.
جون كيري يبدو سعيداً بحرف الصراع عن بوصلته الحقيقية ضد المشروع الصهيوني الذي يهدد الجميع الى افتعال معارك هامشية وحروب بالوكالة ومغامرات عبثية تحت عناوين صغيرة وتفصيلات يبدع الشيطان في توظيفها أطرافها لإنهاك الجميع واضعافهم قبل السيطرة عليهم والتحكم بمستقبلهم .
قبل اربعة عقود نقل وزير اردني طرفة نادرة ملخصها انه التقى مواطناً اردنياً بعد عدة محاولات ليسأله سؤالاً واحداً متعلقا بموعد تعويض اللاجئين أهو قريب ليتمكن من طلب قرض مالي ام انه بعيد حتى يتدبر امره بطريقة اخرى؟. ومنذ ذلك الحين يتناقل الناس أخباراً مؤكدة عن موضوع التعويض والتوطين ويشتبك البعض في صراعات بينية لا تخدم الا العدو المتربص.
ساحة المواجهة الحقيقية مع المشروع الصهيوني بكل ادواته واتباعه ومن اراد ان يختصر الموضوع بالمحافظة على هوية الدولة الاردنية ومقاومة التجنيس او التوطين سوف ينتهي الى مأساة المعاهدات التي وقعها الرسميون العرب بمسوغات التنصل من التزاماتهم تجاه القضية الفلسطينية. لهذا السبب وقعت مصر اتفاقية كامب ديفيد ومن اجل اقامة الدولة الفلسطينية وقعت منظمة التحرير الفلسطينية اتفاقية اوسلو وللمحافظة على الهوية الاردنية ودفن مشروع الوطن البديل وقع الاردن اتفاقية وادي عربة.
من الواضح ان حلم الدولة الفلسطينية لم يتحقق بعد اوسلو وان الرخاء الاقتصادي في مصر لم ينجز بعد كامب ديفيد وان مشروع الوطن البديل يطل برأسه بقوة بعد اتفاقية وادي عربة.
هناك قضايا صغيرة يسهل الحوار حولها والتفاهم عليها مثل موضوع التجنيس وغيرها شريطة الانتباه الى وجهة المعركة نحو العدو الحقيقي للأمة اما افتعال الصراع الداخلي حول التفاصيل فهو الذي يحقق حلم كيري وأهداف المشروع الصهيوني وعندها فـ "إن المنبت لا أرضاً قطع ولا ظهراً ابقى" ولن يبقى -لا قدر الله- لنا اردن نختلف على هويته ولا فلسطين نتخاصم حول مستقبلها.
زكي بني ارشيد
الجمعة
31/1/2014