jo24_banner
jo24_banner

تقرير "توق" واعتذار العزايزة

فهد الخيطان
جو 24 : قدم رئيس لجنة التحقيق في أوضاع مراكز ومؤسسات رعاية الأشخاص ذوي الإعاقة، محيي الدين توق، تقريرا احترافيا ومهنيا، رصد على نحو دقيق حقيقة الأوضاع المأساوية في تلك المراكز، وعرض سلسلة من التوصيات، الالتزام بتطبيقها كفيل بتصويب الاختلالات الخطيرة التي شاهدنا نماذج مرعبة منها في التحقيق الاستقصائي للزميلة حنان الخندقجي.
وعلى غير عادة المسؤولين، خرج وزير التنمية الاجتماعية وجيه عزايزة إلى وسائل الإعلام ليقدم اعتذاره عما حصل من تجاوزات وإساءات بحق المعوقين، وأقر بالمسؤولية الأدبية والأخلاقية عن التقصير، مع أنه لم يمض على تسلمه الموقع الوزاري بضعة أسابيع، بينما الانتهاكات الفظيعة التي وثقها التحقيق الاستقصائي وتقرير "توق" تعود لسنوات سابقة.
لا شك أن اعتذار العزايزة سلوك حضاري، ومحاولة للتخفيف عن ذوي الأطفال الذين تعرضوا للإساءة؛ وهو في جانب منه تعبير عن شعور بالذنب والتقصير لازمنا جميعا بعد مشاهد التعذيب الصادمة في الفيلم الوثائقي.
استقالة الوزير في مثل هذه الحالات ليست الحل؛ الخطوة المطلوبة من العزايزة هي أن يشمر عن ساعديه، ويشرع على الفور في تنفيذ توصيات لجنة التحقيق وتصحيح الأوضاع القائمة. ولتكن البداية من داخل وزارته، التي أظهر التحقيق أنها تتحمل مسؤولية مباشرة فيما وصل إليه الحال في مراكز رعاية المعوقين.
من حجم الاختلالات والنواقص والتجاوزات التي رصدها التحقيق، يخيل للمرء وكأن هذا القطاع كان بلا إدارة طيلة السنوات السابقة! فما من جهة إلا وقصّرت في أداء واجبها، وما من مستوى من مستويات الإدارة فكر في تحمل مسؤوليته. الجميع كان يلوذ بالصمت عن الانتهاكات، ويتستر على التجاوزات. رفع الضحايا وذووهم أكثر من مرة صوتهم، وتقدموا بشكاوى لجهات الرقابة، لكن لم يسمع أحد لهم.
خطورة ما تكشف في مراكز الرعاية لا تقف عند حد الإساءات والانتهاكات المرتكبة بحق أطفال أبرياء امتُهنت آدميتهم بشكل فظيع، وإنما تمتد إلى وجود أشخاص مستعدين لارتكاب مثل هذه الأعمال، وتصرف من هم حولهم على نحو غير مبال بأفعالهم الشنيعة.
ربما يكون تحقيق الزميلة الخندقجي قد منح نزلاء مراكز الرعاية فرصة للخلاص من عذاب رافقهم لسنين، لكن من قال إن حال قطاعات أخرى أفضل من مراكز الإيواء؟ أعتقد أننا بحاجة إلى لجان تحقيق في معظم القطاعات، وسترون العجب العجاب؛ لأن الخراب طاول كل مستويات الإدارة، وضرب البنية الأخلاقية والقانونية للمؤسسة الأردنية.
لقد أظهر التقرير أن معظم الهيئات والإدارات المعنية بالقطاع هي مجرد هياكل شكلية، تضم في جنباتها جيشا من الموظفين غير المؤهلين أو الفاعلين، يقضون أوقاتهم في متابعة الأمور الشكلية، دون أدنى شعور بالمسؤولية تجاه وظيفتهم الأساسية.
السؤال الذي يثير فضولي: ما هو شعور وزراء التنمية السابقين بعد مطالعة تقرير "توق"؟
الغد
تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير