هل يحب الطالب المدرسة ؟
ليس المقصود من السؤال الحصول على إجابة آنيّة معينة ، فذلك يتطلب القيام بدراسات قد لا تتوفر ظروفها الموضوعية . فالطلاب وأولياء أمورهم أقدر على أعطاء إجابة . وإنما قصدت الاستفزاز والقيام بعصف ذهني من أجل التفكير والعمل كي تكون المدرسة بيئة جاذبة ومحبوبة فعلا وليس ادّعاء للطلاب الذين هم مدار العملية التربوية ومحورها . وهذه العبارة ( الطالب هو محور العملية التربوية ) يُكثر المسؤولون التربويون من استعمالها وترديدها ، وأنا لا أشكك بصحتها .
فالأبنية المدرسية وما فيها من أثاث وأجهزة وأدوات وكتب ، والموظفون من الغفير حتى الوزير ، هم في خدمة الطالب ومن أجله . كذلك فان المخصصات المالية الطائلة التي تخصصها الدولة لهذا القطاع هي أيضا من أجل الطالب الذي هو أمل المستقبل .
والحب والكره ، حالة شعورية يمكن معرفتها من خلال آثارها . كالتّأخّر والغياب عن الدوام وعدم التفاعل مع الأنشطة والبرامج وقلّة الالتزام وعدم المحافظة على بيئة المدرسة وموجوداتها ، وربما على قمتها التّأخّر أو التّفوّق الدراسي ...
المهم كيف نجعل الطالب يحب مدرسته ، وكيف تكون بيته الثاني ، يذهب إليها راغبا ، و يغادرها وهو في شوق لها حتى يعود إليها نشيطا محبّا . فهل العلاقة بين الطالب والمدرسة هي كذلك . ولكي تكون كذلك فهناك بعض الإجراءات التي تساعد في توثيق علاقة الطالب بمدرسته .
فاختيار المعلم وتدريبه هو من الأولويات . فالجامعات لا تخرّج معلمين وإنما حملة شهادات اكتسبوا خلال دراستهم علوما مختلفة ليس من بينها أساليب التدريس وأسهل الطرق لنقل المعلومة والخبرة للطالب ، والأهم من ذلك كيف يتعامل مع الطالب بسني عمره المختلفة . وهنا أقترح أن يكون التدريب سابقا على التعيين ، فلا يعيّن معلما إلا من ثبت قدرته على القيام بهذه المهام . تمهيدا لإنشاء كليات تربية يدرس فيها الطالب علوما مختلفة إضافة لأساليب التدريس النظري والعملي ومواد في التربية وعلم النفس .
كما أن للمدراء ومساعديهم والطاقم الإداري دور كبير في جعل المدرسة بيئة محبّبة للطالب ، يعاملونهم معاملة الأبناء والأخوة . وقد جرت العادة أن يتم اختيارهم حسب مؤهلاتهم ، علما أن الإدارة فن وقدرة وليست شهادة فقط . ولعل تدني مستوى الأداء في بعض المدارس عائد إلى تدني مستوى إداراتها . فمن المعلوم أن غاية جهد المربي أو المدير أن يرتفع بمستواهم إلى مستواه . فالضعيف لا ينتج متفوقا .
وقد لوحظ أن المدارس التي تُعني بالأنشطة المتنوعة ، يكون طلابها متفاعلين ، يحبون المدرسة والمعلمين ، لأنها تمكنت من استغلال طاقاتهم ووجهتها بطريقة صحيحة . فكل طالب له نشاط أو أكثر يستطيع من خلاله إظهار قدراته وتنميتها .
كذلك فان للمناهج دور كبير في تنمية هذه العلاقة . فالمناهج يجب أن تناسب كافة مستويات الطلبة مع التركيز على الطالب المتوسط وأن تُعرض بشكل مبسط ، ويتم تخليصها من التكرار والحشو الممل . فالمعلومات بنوعها والحاجة إليها وليس بكميتها . ويتبع ذلك إحداث تطوير في نظام الامتحانات وعددها وتقليل القيمة النسبية للعلامة في تقييم الطالب .
ولا بد أن تسود علاقة من الحب والاحترام والثقة بين المعلم وطلابه . وهذا لن يتم باستخدام وسائل وأساليب غير تربوية في التعامل معهم . وإننا نطمح الوصول لمدرسة تخلو من استعمال العنف اللفظي أو الجسدي . ويجب أن يتحمل المدراء والوزارة مسؤوليتهم لإنهاء ومنع أي ظاهرة عنف .
أتمنى أن نجد مدارسنا وقد أصبحت بيتا للطالب يجد متعة في قضاء يومه الدراسي فيها ، يذهب إليها في الصباح متفائلا نشيطاً ، كي يكون بكامل لياقته وقدراته الذهنية والنفسية لتلقي العلم وممارسة الأنشطة ، محبا لمدرسته ومعلميه .