2024-09-03 - الثلاثاء
Weather Data Source: het weer vandaag Amman per uur
jo24_banner
jo24_banner

إجهاض الإصلاح بمباركة رسمية

فهد الخيطان
جو 24 : لم يعد الحديث عن تراجع الدولة عن الإصلاح السياسي مجرد مخاوف و"افتراءات" من المعارضة، أو اتهامات لا أساس لها؛ بل هي اليوم حقيقة تسندها أدلة قاطعة.
إقرار "النواب" لنظام الصوت الواحد، وبأغلبية مريحة، لم يكن اجتهادا نيابيا صرفا، إنما سياسة رسمية تحظى بمباركة جميع الأطراف المعنية.
عندما تبنت "قانونية النواب" مقترح الصوت الواحد، اعتقد الكثيرون، وأنا منهم، أن الأمر مجرد ميل تقليدي إلى تيار نيابي أعلن في وقت مبكر تمسكه بالصوت الواحد، وبأن مراكز صناعة القرار لن تسمح بتمرير هذه الصيغة المدمرة للإصلاح السياسي. فتسابق دعاة الإصلاح داخل المجلس وخارجه، "يا لسذاجتهم!"، إلى تقديم مقترحات بديلة واقعية وممكنة التطبيق، وانتهى النقاش باقتراح حظي بإجماع يقضي بمنح الناخب في الدائرة المحلية صوتين بدلا من صوت واحد، وزيادة عدد مقاعد القائمة الوطنية إلى 25 مقعدا.
شكل هذا الاقتراح خطوة صغيرة لتطوير القانون. ومع ذلك، جرى تجاهله عن عمد، ومحاربته تحت القبة وخارجها، وسط إصرار عجيب على تمرير الصيغة كما جاءت من اللجنة القانونية.
كان هذا الاختبار كافيا لكشف النوايا المبيتة لوأد مشروع الإصلاح السياسي والعودة بالبلاد إلى المربع الأول؛ مربع الصوت الواحد وإفرازاته التي عانى الأردنيون من نتائجها الكارثية.
ولم تكن العودة خجولة كما وصف البعض، بل في احتفالية سياسية في مجلس الأمة، ختمها رئيس الوزراء فايز الطراونة بمرافعة من القلب عن فضائل الصوت الواحد، ومحاسن المجالس النيابية التي أفرزها القانون سيئ الصيت. وخص الطراونة المجلس السابق و"الذي قبله" بالمديح، بوصفه مجلسا سياسيا من طراز رفيع. وللتوضيح، فإن رئيس الوزراء يعني بالذي قبله مجلس النواب الخامس عشر الذي شهدت انتخاباته العام 2007 أوسع عملية تزوير في تاريخ الانتخابات الأردنية، وصار الصغير قبل الكبير يعرف تلك الحقيقة.
مع دخول العالم العربي عهد التحولات الثورية العام الماضي، شهدت عملية الإصلاح السياسي في الأردن سلسلة تطورات ملموسة، تمثلت في تشكيل لجنة الحوار الوطني التي أوصت بحزمة من الإصلاحات التقدمية، وإقرار تعديلات إيجابية على الدستور طالت ثلث مواده، كان من ثمارها استحداث هيئة مستقلة للاشراف على الانتخابات وإدارتها، وإنشاء محكمة دستورية. وعلى المستوى السياسي، كان إعلان الملك المهم أن الحكومة التي ستتشكل بعد الانتخابات النيابية المبكرة ستمثل الأغلبية النيابية.
كل هذه الإنجازات والتطورات جرى إجهاضها وإفراغها من مضمونها من خلال اعتماد نظام انتخابي مجرب منذ سنوات، دمر الحياة السياسية والبرلمانية في البلاد، وسيتكفل بتدمير فرص الإصلاح في المستقبل.
النتيجة الوحيدة لاعتماد قانون الصوت الواحد في هذه المرحلة، هي توسيع جبهة المقاطعة للانتخابات لتشمل قوى اجتماعية وسياسية أخرى غير الحركة الإسلامية وأحزاب المعارضة، وما يترتب على ذلك من حالة استقطاب ومواجهة.
أكثر ما يثير القلق، لا بل الفزع، أن الجهات الرسمية كانت تدرك، وبشكل عميق، التداعيات المترتبة على إحياء الصوت الواحد من جديد، لكنها رمت بها عرض الحائط، وكأنها تسعى إلى الإقصاء لا المشاركة.
ما حصل تحت القبة كان بحق انقلابا مدبرا على عملية الإصلاح.
الغد
تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير