"ميغ 21" تنقل الأردن إلى قلب المواجهة السورية
بعد ساعات قليلة على الهبوط "الاضطراري" للمقاتلة السورية من طراز "ميغ 21" في قاعدة الملك حسين الجوية بالمفرق، وافقت الحكومة الأردنية على منح قائدها، العقيد حسن مرعي، حق اللجوء السياسي بناء على طلبه.
السرعة في الاستجابة لطلب الطيار السوري تعد، في نظر المراقبين، دليلا على المرونة التي يمكن أن يبديها الأردن حيال تطورات الأزمة السورية. وإذا ما أخذنا بعين الاعتبار قول مسؤول أميركي بأن حادثة انشقاق الطيار مرعي لن تكون الأخيرة، فإن سرعة استجابة الأردن لطلب اللجوء ستشكل حافزا لانشقاق المزيد من طياري سلاح الجو السوري.
حاول الأردن أن ينأى بنفسه عن لعب دور مباشر في الأزمة السورية؛ فقد رفض استخدام أراضيه لتسليح المعارضة السورية، وعارض علنا خيار التدخل العسكري، واكتفى بتوفير الملاذ لعشرات الآلاف من اللاجئين السوريين بكل ما يترتب عليه من أعباء ومسؤوليات.
لكن مع مرور الوقت وتفاقم الأزمة بأبعادها الإنسانية والسياسية، تواجه المقاربة الأردنية الرسمية تجاه سورية تحديات غير مسبوقة، تفرضها تطورات الحالة السورية من جهة، ومتغيرات الموقف الدولي من جهة أخرى.
المتغير المهم في الموقف الأردني هو استعداده للتعامل مع التطورات العسكرية المحتملة للصراع في سورية، وفي هذا السياق تأتي التمرينات المشتركة مع قوات "المارينز" الأميركية قرب الحدود الشمالية. وقد أكدت السفارة الأميركية في عمان، في ردها على استفسارات لـ"الغد"، أن الولايات المتحدة تزود الأردن بمجموعة مساعدات وتدريبات عسكرية مستمرة، من ضمنها "التخطيط للطوارئ". وتزامن هذا التصريح مع ما نقلته محطة (CNN) عن مصادر عسكرية أميركية تأكيدها أن "القوات الخاصة الأميركية تقوم بتدريب القوات الأردنية على مهام عسكرية محددة للتعامل مع أي تهديدات قد تمس المملكة وأمنها، في حال توسعت الأزمة السورية نحو حدودها".
وتقول المصادر الرسمية الأردنية إن هذه الاستعدادات لا تعني بأي حال من الأحوال نية الأردن التدخل عسكريا في الأزمة السورية، وإنما التهيؤ لأسوأ السيناريوهات المحتملة، وتأمين الجاهزية اللازمة لمنع انتقال الفوضى والعنف إلى الأراضي الأردنية.
لكن المراقبين لا يستبعدون موافقة الأردن على تسهيل مهمة دخول قوة أميركية إلى الأراضي السورية في حال انهيار الوضع هناك بشكل كبير، للسيطرة على مخزون سورية مما تسميه واشنطن "الأسلحة الكيماوية".
وجود طيار عسكري سوري في الأردن لا يشكل خطرا على نظام الأسد. وفي حال اختار البقاء هنا، فلن يسمح له بممارسة أي نشاط سياسي أو عسكري. أما بالنسبة للطائرة، فمن المرجح أن يوافق الأردن على إعادتها إلى سورية. لكن، ماذا لو تكررت حوادث اللجوء وهبطت المزيد من طائرات "الميغ"، "وما أكثرها في سورية"، في القواعد الجوية الأردنية؟ كيف سيدير الجانب الأردني الموقف؟ وأي رد من دمشق على ما يمكن أن يوصف بحوافز أردنية للطيارين الراغبين في الانشقاق؟
لم يعد التعبير عن القلق سياسة قابلة للاستمرار حيال الأوضاع في سورية. مثل هذه السياسة تبدو مقبولة عندما تكون بعيدا عن أجواء المواجهة، لكن حين تستغرق رحلة الـ"ميغ 21" إلى القاعدة الجوية الأردنية بضع دقائق، فأنت إذن في قلب المعركة. "الغد"
fahed.khitan@alghad.jo