jo24_banner
jo24_banner

الأردن في عين العاصفة من جديد..

ابراهيم عبدالمجيد القيسي
جو 24 : لسنا بمنأى عن التطرف ، بل إننا في متناوله، ونظرة واقعية الى الداخل الأردني، تثبت بأن ثقافة التطرف راسخة في بعض الذهنيات، ولا أجد مبررا واحدا يقنعني بأن مسيرة تؤيد «داعش» أو غيرها تحدث في الأردن من باب الديمقراطية واحترام الرأي الآخر، فتأييد التطرف تطرف، ولا فرق بين متطرف يقتل الأبرياء هنا وهناك، وبين آخر يؤيده وينشر ثقافته، باعتبارها ثورة على الظلم والاضطهاد، وطريقة للخلاص من الفساد والديكتاتوريات وقوانينها وثقافاتها..
في العراق وسوريا ظلم كبير، وقع على الشعبين البريئين، وكانت ضحاياه بالملايين، ومازال الظلم يتداعى على الساحتين بكوارث وتهديدات وأنهار من دماء، ولا ندعي الحياد مما يجري هناك، لكننا معنيون بأمن واستقرار بلدنا، خصوصا حين يتلبد الأفق بغيوم العواصف والأزمات، فأمننا الوطني ثقافي هذه المرة، ونحن أحوج ما نكون الى رفض ثقافة التطرف وعدم الصمت عن منظريها بعلم او بغير علم..
الجماعات الجهادية السلفية منتشرة في مناطق النزاع في الوطن العربي، وبعيدة كل البعد عن منطقة الصراع العربي الاسلامي المركزي الحقيقية في فلسطين، وهذا مفتاح فك اللغز بالنسبة لأي مهتم بمعرفة مدى صواب وشرعية ما يقوم به الجهاديون في كل الدنيا بينما يهربون من وجه اسرائيل، باعتبار الأنظمة العربية أكثر خطورة وعدوانية من اسرائيل والصهيونية على «إسلامهم».
حين نعلم أن بعض القيادات الجهادية هم أردنيون، ندرك عندئذ حاجتنا الى اسلام معتدل، ومعبأ بثقافة الوطن والحفاظ عليه والدفاع عنه، وفي ظل هذه الحقيقة يجب إعادة النظر في طريقة تعامل الحكومات مع التنظيمات والأحزاب الاسلامية السياسية المعتدلة، وإعادة النظر أيضا في قوانين مكافحة الارهاب وترويجه وترويج ثقافته، إذ لا تكفينا تلك التصريحات بتطبيق القوانين ضد كل من يروج للارهاب وثقافته، بينما يتحدث الواقع عن شباب أردنيين ينخرطون في قتل الناس في سوريا والعراق وغيرهما.
إذا كان وصول الاسلام السياسي المعتدل للحكم في بعض البلدان مرفوض، ويتسبب في مزيد من تحديات ومشاكل في تلك البلدان، فهل وصول الجهاديين المتطرفين سيكون أفضل؟ هذا سؤال مهم يجب أن يجيب عليه كل من يرفع شعارا عقائديا دينيا في الوطن العربي ويهدف الى الوصول الى الحكم..
قد يتسبب غياب العدالة الاجتماعية والسياسية وضياع الحقوق في مزيد من تطرف، لكن مجابهة الظلم بقتل الناس وتعميم الفوضى ليس هو الحل المطلوب، وهذه حقيقة تاريخية مارسها الرسول محمد عليه الصلاة والسلام وصحابته الكرام، فليس هناك ظلم يقع على المسلمين في بلدانهم أكثر من ذلك الظلم الذي وقع على النبي الكريم وصحبته الأخيار، ومع كل هذا لم يتطرف المسلمون آنذاك، ولم يلجأوا للقتل والانتقام الوحشي، وهذه هي حقيقة الوجه المشرق لإنسانية وقوة الدعوة الاسلامية..
الأردن في عين العاصفة من جديد، ويجب أن يتحمل الأردنيون مسؤولية الحفاظ عليه وأن يحذروا الانزلاق في أتون الصراعات المذهبية والطائفية الكارثية..

الدستور
تابعو الأردن 24 على google news