الدولة والإسلاميون.. هل احتمال الصفقة وارد؟
عاد الحديث مجددا، في الأيام الأخيرة، عن صفقة محتملة بين الدولة والحركة الإسلامية، تفضي إلى مشاركة الإسلاميين في الانتخابات النياية المقبلة. عزز هذه الأنباء لقاء هو الأول من نوعه، بين مدير المخابرات العامة اللواء فيصل الشوبكي وقياديين في الحركة الإسلامية. اللقاء الذي سبق طلب الملك تعديل قانون الانتخاب، تناول حسب المصادر ملاحظات الإسلاميين على القانون، وفرص المشاركة في الانتخابات.
وبالتزامن مع هذا اللقاء، نقل موقع "جو24" الإخباري عن مصادر في تيار الحمائم قولها إن هناك تفاهمات أبرمت بالفعل بين "صقور" الحركة الإسلامية ومسؤولين في الدولة حول المشاركة في الانتخابات، تضمن لمرشحي الحركة حصة مجزية في المجلس المقبل.
أنصار نظرية "الصفقة" اعتبروا زيارة قادة "حماس" المفاجئة إلى عمان دليلا إضافيا يرجح احتمالات التفاهم بين الإسلاميين والدولة.
وتتسع دائرة الترجيحات والاحتمالات لتشمل في حساباتها فوز المرشح الإسلامي محمد مرسي في انتخابات الرئاسة المصرية، باعتباره عاملا إقليميا يدعم حجج الداعين إلى التفاهم مع الإسلاميين داخل أروقة الدولة.
لكن ما يقال إنها مؤشرات قوية على صفقة محتملة، تقابلها مواقف معلنة من الطرفين؛ الدولة والحركة الإسلامية، تفيد عكس ذلك تماما. ففي غضون يومين، أطلق رئيس الوزراء فايز الطراونة تصريحات لا توحي بوجود نية للتفاوض مع الحركة الإسلامية أو غيرها من الأطراف حول "مبدأ" المشاركة في الانتخابات.
واعتبر الطراونة الدعوة من طرفه للحوار "استجداء" لن يرتضيه لحكومته. وقطع رئيس الوزراء الطريق على دعوات الإسلاميين والقوى السياسية والبرلمانية لتوسيع قاعدة التعديلات لتشمل إلغاء الصوت الواحد في القانون، وهو أحد شروط الإسلاميين للمشاركة في أي انتخابات.
وفي مراكز صناعة القرار، هناك اتجاه قوي لا يرى مبررا لتقديم تنازلات للحركة الإسلامية مقابل مشاركتها في الانتخابات، ولسان حال هذا الاتجاه يقول: "شاركوا أو قاطعوا.. الأمر سيان بالنسبة لنا".
أما في أوساط الحركة الإسلامية، فإن الكفة ما تزال تميل وبقوة إلى جانب فكرة المقاطعة. ولم يغير التوجه إلى تعديل قانون الانتخاب، وزيادة مقاعد القائمة الوطنية، في موقف مجلس شورى الإخوان المسلمين، بدليل أن التوصية التي كانت معدة بهذا الخصوص قبل اجتماع المجلس الخميس الماضي لم يطرأ على مضمونها أي تغيير بعد الإعلان عن إعادة قانون الانتخاب إلى مجلس الأمة لتعديله.
ومن المستبعد أن يكون لموقف قادة "حماس تأثير كبير على قيادة الإخوان في الأردن. ولا حاجة إلى التذكير بأن الطرفين اختلفا في الاجتهاد بشأن قرار مقاطعة انتخابات 2010.
لا شك أن في أوساط الحركة الإسلامية من يؤيد التوصل إلى صفقة، كما هو الحال عند مسؤولين رسميين ما يزالون على قناعة أن الإخوان حركة براغماتية، يمكن الاتفاق معها على أدق التفاصيل، بما فيها عدد المرشحين والفائزين قبل إجراء الانتخابات.
ربما كان هذا الأسلوب ممكنا في الماضي، لكن في زمن الربيع العربي تغيرت قواعد اللعبة، ولم يعد بوسع أي طرف أن يعقد صفقة خلف الكواليس. فكل شيء أصبح مكشوفا، ومن يقدم على اتفاق سري يغامر بمصداقيته. لا نريد صفقة بين الدولة والإسلاميين، المهم في هذه المرحلة توافق وطني بين الدولة والمجتمع، وهو ما يبدو صعب المنال في ظل "الصوت الواحد".
fahed.khitan@alghad.jo
(الغد)