2024-08-28 - الأربعاء
Weather Data Source: het weer vandaag Amman per uur
jo24_banner
jo24_banner

مفارقة تبعث على الأسى

فهد الخيطان
جو 24 : لا فرق جوهريا، من وجهة نظري، بين موقف الحكومة السلبي من مطالب الفنانين، وموقف المعتصمين أمام "الرئاسة" ضد مهرجان جرش. في المحصلة النهائية، موقف الطرفين ينطوي على ازدراء للثقافة والفنون، باعتبارها قيما إنسانية تحظى بمعاملة تفضيلية عند أمم الأرض كلها.
الحكومة "العلمانية" والمعتصمون المتشددون يلتقون من حيث لا يعرفون على هدف واحد؛ قتل الإبداع والفن، كل على طريقته.
الحكومة، لا بل الحكومات المتعاقبة، مارست سياسة القتل البطيء للدراما الأردنية. فبعد عقود من التألق والتميز، جنى الأردن منها حضورا عربيا، دخلت الدراما في حالة موت سريري مبرمجة. فقد جفت منابع الدعم المالي، وضاقت سبل العيش في وجوه الفنانين، وأغلقت مؤسسات الدولة أبوابها أمامهم، في وقت كان الفنان الأردني يواجه حصارا خليجيا.
أسماء لامعة لم تقف أمام الكاميرا منذ سنوات طويلة، ونجوم أحبهم الجمهور صاروا أرقاما مجهولة. ويمر شهر رمضان كل عام ولا ترى عملا أردنيا معتبرا على الشاشات العربية. باختصار، أصبحت الدراما الأردنية جزءا من الماضي.
في واحدة من أخطر المراحل، خسرت الدولة سلاح الدراما. لم تعد الرواية الأردنية حاضرة في المشهد العربي والإقليمي المفتوح على صراع يستهدف أول ما يستهدف الهويات الوطنية، ووجدان الشعوب وتاريخها.
أجيال جديدة تكبر خاوية بلا ذاكرة أو وجدان وطني؛ تحفظ عن ظهر قلب سيرة الآخرين وتجهل ذاتها.
ازدراء الفن والفنانين من طرف المؤسسات الرسمية أغرى قوى ظلامية متشددة، ووفر دعما لوجستيا لخطابها التكفيري والمعادي لقيم الإبداع الإنساني؛ المسرح والموسيقى والغناء.
لم يكن غريبا وسط هذا المناخ أن تخرج أصوات تدعو لإلغاء مهرجان جرش الذي كافح الفنانون والمثقفون من أجل عودته، بعد أن تعرض لعملية اغتيال غادرة قبل سنوات.
مهرجان جرش الذي وقفت على مسرحه قامات عربية في الغناء والموسيقى والشعر والمسرح، ومنحنا فرصة الاطلاع على ثقافات وفنون العالم، صار في عرف البعض وصمة عار!
تونس التي شهدت ثورة حملت الإسلاميين إلى سدة الحكم لم تتخل عن مهرجان قرطاج، ومثلها مصر التي استقبل رئيسها "الإسلامي" الفنانين على البساط الأحمر.
الفنانون الأردنيون في الشارع يقاومون من أجل حقهم في الحياة والإبداع، و"حراك" يريد الإجهاز على مهرجان جرش للثقافة والفنون؛ أو ليست مفارقة تبعث على الأسى؟ الغد
تابعو الأردن 24 على google news