jo24_banner
jo24_banner

حكم "الزير" في فقراء المدينة.. وتصرفات بلتاجي

ابراهيم عبدالمجيد القيسي
جو 24 : لا خير فينا إن لم نقلها، ولا خير في بلاد لا تنتصر لفقرائها، ولا ذاكرة لنا أو ضمير حين نتجاوز عن حقيقة الموقف الانساني الصادم، الذي أطلق شرارة الفوضى في الوطن العربي، فالبوعزيزي هو مثلهم، شاب عربي، تم إقصاؤه وتهميشه، فلجأ الى "بسطة" ليبيع الخضار على الناس ويكسب قوت يومه، فتم ازدراؤه من قبل شرطية حين قامت بإهانته، فحرق نفسه، وغادر الدنيا إعتراضا على عدم احترام حقه الانساني في الحياة الحرة البسيطة..

ما الذي يجلبه للوطن مسؤول "بلدية"، حين يشرع منذ يومه الأول بإلقاء الفقراء الى المجهول، حين قطع أرزاق آلاف من عائلاتهم، ومنعها من كسب رزقها على ضفاف طرقات تتزاحم فيها أقدام الناس، هل القصة "بيئية"؟ أم "قانونية"، أم هي حلقة لا مباركة في المسيرة الأردنية الاصلاحية؟.. ربما هي كما يسوق لها تجار المواقف بأنها إصلاحية بامتياز ويقودها رجل "ديمقراطي ونزيه وورع للغاية"، نعتبر مجيئه الى مقعد قيادي بلدي شعبي يعبر عن مدى التزام الدولة بعدم استفزاز الناس حين تعيد انتاج القيادات الرسمية المشكوك في أدائها شعبيا..

عموما؛ لأننا مقتنعون تماما بأن الحكومة ومجلس النواب لا يملكان رأيا ولا قرارا حول هذا الرجل، وقدومه الى المسؤولية أو ممارساته الاستفزازية التي طالت الحكومات والنواب كما طالت فقراء عمان، بسبب قناعتنا هذه لن نستثير همم الحكومات ولا المجالس النيابية، لكننا بالتأكيد نخاطب الناس العاديين والفقراء الطيبين، بأن اصبروا؛ ولا تشعروا بالتمييز بينكم وبين دهاقنة المال والتجارة والسياحة والفن ، لأن الله لكم، ولا بد ؛سيتدخل جلالة الملك ليعيد تذكير هؤلاء بالرفق بالمواطنين وتسهيل سبل عيشهم، بعد أن قرروا الكسب من عرق جبينهم بعيدا عن ارباك الحكومات وتفليسها على إفلاسها..

كتبنا قبل هذا عن حوالي "40" كشك، منحتها أمانة عمان لشركة، قيل بأن متنفذا يمتلكها، ويتم تأجير هذه الأكشاك من قبل الشركة لمواطنين بمبلغ يتراوح بين 800 دينار الى 1500 دينار شهريا، وحين نقارن بين هذا الموقف "القانوني" الذي قامت به الأمانة، وبين الموقف "القانوني" أيضا، الذي تقوم به ضد البسطات وأصحابها، يلح السؤال صارخا: ما الدور الاجتماعي الذي تقوم به الأمانة والبلديات في الأردن؟ وهل ينسجم مع المواقف الملكية الداعية للتخفيف عن البشر، أو مع حقيقة الدور الذي تقوم به الحكومات في الدنيا تجاه مواطنيها؟

كيف تمنحون مواطنا عاديا مقتدرا تراخيص قانونية لكسب نصف مليون دينار سنويا، جراء استخدامه لضفاف طرقات عمان، بينما تحرمون آلاف الفقراء من كسب قوتهم اليومي من عرق جبينهم؟!.. هذه تساؤلات "البوعزيزي" الحقيقية حين تعرض للحرمان أولا ثم الإهانة، فكان ما كان من اشتعال، تطور وطال دول وقياداتها، فهل ينوي هذا الرجل أن يقحم الوطن في ظلمات التمييز والتهميش والاقصاء، وعدم الاكتراث بفقراء الناس، باعتبارهم "كبسطاتهم" نتوءات وشوائب في وجه عمان الجميل؟

لن يكون جميلا وجه مدينة تقتل فقراءها، ولن يكون إيجابيا أن يتم التمييز بين المتنفذين وسحق البسطاء، وليس إصلاحيا ولا ديمقراطيا ولا يبعث على احترام عقول الناس، أن نعيد انتاج تلك القيادات، ونتجاوز عن طريقتها المتوحشة في إدارة الشأن العام، الحكومات والنواب وكل القوى السياسية والشعبية ستدفع ثمن هذا الاستخفاف بالفقراء وبالاصلاح، بينما يقف المتسببون بمثل هذه الأزمات موقف المتفرج غير المعني، على الرغم من إحكامه لسيف الظلم والتمييز في رقاب الفقراء ومصائرهم..

الدفاع عن الفقراء وتحسين ظروف حياتهم همّ ملكي، وتاريخنا الأردني الشعبي اليومي يحفل بآلاف القصص عن هذا الدور الذي يقوم به الملك، وهو الدور الذي تراجع في العامين الماضيين، بسبب تولي بعض المسؤولين لمواقع متعلقة بإدارة وتسهيل تواصل الملك مع المواطنين، نذكر هذا لأننا لا يمكننا أن نأخذ ما يقوم به "ديكتاتور" أمانة عمان بمعزل عن الذي يقوم به من يدعمه ومن رشحه لهذا الموقع، ولا أريد أن أكرر ما كتبت حولهما قبل أكثر من شهر..

إن دخول قوات الأمن وحراستها لمكتب أمين عمان من المحتجين الفقراء الذين تمت الإطاحة بهم وإغلاق باب رزقهم ومنع الخبز "الحلال" عن أطفالهم، يدفعني للكتابة ثانية، ولن تنفعنا غزوات وطلعات "الزير وأبو زيد الهلالي"، حين يستحوذ الجوع على بطون الأطفال والمساكين، بدعوى النظافة والبيئة والجمال، فأي جمال تنشدون حين تقهرون الناس وتعملون على تجويعهم دونما رأفة ولا رحمة ولا شفقة، بينما تمنحون كل التسهيلات للأثرياء والمتنفذين أن يحصدوا المزيد من جيوب الناس ..

أوقفوا مغامراتكم بالاستقواء على الغلابى والجياع، وترفقوا بهذا الوطن الصابر على أمثالكم.. وحلوا عن سمانا.

ibqaisi@gmail.com
تابعو الأردن 24 على google news