2024-09-03 - الثلاثاء
Weather Data Source: het weer vandaag Amman per uur
jo24_banner
jo24_banner

الأمن الناعم والأمن الخشن

فهد الخيطان
جو 24 : المقاربة الأمنية أصبحت أكثر وضوحا؛ فقد اختصرها مدير الأمن العام الفريق أول حسين المجالي، بالعبارة التالية: "الأمن الناعم مع الحراك السلمي، والأمن الحازم مع الحراك خارج القانون".
"الأمن الناعم" في التعامل مع الحراك السياسي جنّب النظام السياسي سيناريو الصدام مع الشعب، وكان هذا بلا شك خيارا حكيما. لكن لنتذكر أنه، وإلى جانب ذلك، طرحت الدولة مبادرات سياسية وخططا إصلاحية، صحيح أنها لم ترتق إلى مطالب الأحزاب والحراكات، لكنها ساهمت في خلق حالة حوار أشغلت الشارع السياسي، وامتصت ولو لفترة من الوقت حالة الاحتقان.
غير أن استراتيجية الأمن الناعم بدأت تستنفد أغراضها بعد سنة على اعتمادها. والسبب أن الدولة بالغت في الاعتماد عليها، وساد في أوساطها الاعتقاد بأن الحراك الشبابي والحزبي المنضبط هو النسخة الوحيدة للربيع الأردني.
لكن الأمر لم يكن كذلك. ففي الأشهر الأولى من العام الحالي، ظهرت ملامح أولية لنسخة ثانية من الحراك أكثر خشونة وعنفا، تنامت مظاهرها مع مرور الوقت حتى كادت تغطي على صورة الحراك السلمي.
العنوان العريض للنسخة الثانية من الحراك: تحدي سلطة الدولة ورموزها، واللجوء إلى أشكال غير قانونية للاحتجاج، كقطع الطرق، والاعتداء على الممتلكات العامة والخاصة، واقتحام المباني العامة، واستهداف مراكز الأمن.
المحرك الأساسي لهذا النوع من الاحتجاجات يكون، في الغالب، قضايا مطلبية جماعية، مثل انقطاع المياه عن الأحياء السكنية، أو البحث عن فرص عمل في ظل ارتفاع معدلات البطالة، والمطالبة بتحسين أوضاع الموظفين والعاملين في مؤسسات عمومية. وفي بعض الأحيان، تكفي مظلمة فردية لتفجير حالة احتجاج. وشهدنا في الآونة الأخيرة تزايد محاولات الانتحار على خلفية مطالب شخصية.
ورافق ذلك كله عنف اجتماعي على خلفية جرائم قتل، بالإضافة إلى العنف المصاحب لامتحان الثانوية العامة، ولجوء البعض إلى القوة لممارسة الغش في الامتحانات.
التطور اللافت في الاحتجاجات المطلبية أن شعاراتها أصبحت تكتسي طابعا سياسيا. فالمحتجون لا يكتفون بإحراق الإطارات وإغلاق الشوارع عند انقطاع المياه عن منازلهم، وإنما يصبون نقمتهم على الدولة والرموز السياسية. وفي هذه الحالة، نكون أقرب إلى ما يمكن وصفه بالعنف السياسي.
يتعين على مؤسسات الدولة إدراك هذا البعد للحراك الخارج عن القانون، قبل التورط في الاعتماد على "الأمن الحازم" في التعامل معه.
لا تستطيع المؤسسة الأمنية، بأجهزتها المختلفة، أن تتحمل المسؤولية وحدها، وإلا ستخسر المواجهة؛ لأن الاعتماد المفرط على القوة سيعرض صاحبه إلى الوقوع في الخطأ، عاجلا أم أجلا، وقد وقعوا فيه بالفعل في السلط باعتراف مدير الأمن العام.
الأجهزة المسؤولة في المحافظات وقطاع الخدمات تقف عاجزة عن معالجة المشاكل قبل تفاقمها، ولو كانت تقوم بمهامها لما سمحت بانقطاع المياه عن أحياء سكنية لأيام طويلة بدون أن تجد حلا. ألم يسمع الحكام الإداريون في السلط مثلا، بنية نشطاء التيار السلفي الاحتجاج؟ لماذا انتظروا إلى حين نزول الشبان إلى الشارع؟ أعرف أن قنوات الحوار معهم مفتوحة، لماذا لم يبادروا إلى الحوار معهم؟
وفي العقبة أيضا، مشكلة العمال ليست جديدة؛ لماذا وصل الأمر إلى حد اقتحام مبنى المفوضية؟ وأين كنا من مطالب أهالي العقبة؟ لقد انتهى الأمر إلى استقالة رئيس المفوضية هروبا من واقع يستحيل معه العمل.
الإدارات التنفيذية تحاول أن تغطي على كسلها وعجزها عن التعامل مع المواطنين ومشاكلهم باللجوء إلى القوة الأمنية، فذلك أسهل الطرق.
الاعتماد المتزايد على القوة الأمنية والدركية في التعامل مع المشاكل دليل ضعف لا قوة.

fahed.khitan@alghad.jo

الغد
تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير