jo24_banner
jo24_banner

منع من النشر بالدستور|| صحفيون يتخلون عن أنفسهم ومهنتهم..

ابراهيم عبدالمجيد القيسي
جو 24 : قد يكون الكلام قاسيا على بعض الزملاء والزميلات، لكنهم كانوا أشد قسوة على زميل وقع في براثن الشخصنة والتنافس اللامهني، وبعيدا عن قناعتي أو عدمها في الأداء المهني الذي يقدمه الزميل عبدالهادي راجي المجالي، إلا أنه تعاظم عقابه، وبمشاركة مؤسفة من قبل زملاء وزميلات، حين شخصنوا القضية فصمتوا أو ابتعدوا، ولم يتضامنوا مع زميل لهم، تم توقيفه استباقيا في سابقة قانونية مزعجة، كانت وما زالت تتطلب وعيا وبعد نظر من الصحفيين، فالمسألة لن تنتهي - بتقديري – عند عبدالهادي راجي، بل ستطال كل الجسم الصحفي ونشطاء الفكرة والمعلومة إن تم تمريرها والصمت عنها تحت أية ذريعة أو مبرر.

الصحفي؛ الذي له كل الحق بعدم كشف مصدر معلوماته الموثقة في أية محكمة، يجب عليه أن يتذكر عمله، فعمل الصحفي المشتغل بالأخبار والحقيقة كله معلومات وأسرار، بل التنافس بين وسائل الاعلام وصحفييها هو سباق على جمع المعلومة ونشرها، والمحقق الصحفي هو "مخبر" مهني مجاز وعمله محمي عالميا، ويفعل كل شيء - تحت سقف الأخلاق - للحصول على معلومة حول قضية ما، وكذلك عمل الصحفي كاتب الرأي، كله أفكار واقتراحات وتوجيه للرأي العام، ويجمع معلومات على طريقته، ويقدمها حسب أسلوبه، ويتواصل مع المسؤولين وغيرهم ويقدم النصائح، ويجيب على تساؤلاتهم، ويحصل منهم على معلومات حصرية.

فالصحفي؛ شخصية عامة، معرضة للنقد، خصوصا وهو يتفاعل مع المجتمع، ويجيب على أسئلتهم التي لا تنتهي، باعتباره المعني الأول بالحقيقة، والمهني المكلف بتوصيلها الى المتلقي، والمقصود من هذا التوضيح هو تذكير جميع الزملاء والزميلات بأنهم معرضون لما تعرض له زميلنا عبدالهادي راجي، وبعد هذه السابقة، سيتخلى الصحفي عن كونه شخصية عامة معرضة للنقد، ليصبح متهما "يفشي أسرارا"، وحتى المواطن العادي، الذي يتفاعل مع تطبيقات التواصل الاجتماعي على الانترنت والوسائط الأخرى، يمكن أن يقع ضحية لمثل هذه التهمة "إفشاء أسرار" ، وهي قضية قد يصل الحكم القضائي فيها الى 3 سنوات حبس كما أخبرني أحد المحامين، ولا أفهم سرا لموقف كل الزملاء – تقريبا – وتبريرهم لعدم مشاركتهم في الوقفة الاحتجاجية التي دعت إليها النقابة، خصوصا حين وضحت النقابة موقفها من قضية التوقيف الاستباقي للصحفي، واحترمت نزاهة القضاء الأردني وثقتها بعدالته حين يسير في إجراءات محاكمة عادلة للزميل المجالي، بعيدا عن التوقيف الاستباقي.

نقيب الصحفيين الأردنيين الزميل طارق المومني، وكل الزملاء والزميلات الذين شاركتهم الحديث حول التحدي الجديد المتمثل بهذه القضية، أبدوا دهشة من شكل التهمة وطريقة التعامل مع الزميل المتهم بها، بل إن نقيب الصحفيين أشار إلى وجوب مراجعة التشريعات جميعا المتعلقة بالصحفي ومهنته بعد هذه السابقة التي تعرض لها الزميل.. فهل يدرك الصحافيون الأردنيون بأن هذه نافذة جديدة يستطيع المتلقي العادي أن يفتحها ضد الصحافة والصحفي، ويدخلهما في سوق المناكفة والتضييق والمطاردة وتضييع الحقيقة؟!.

مع هذا الصمت عن هذه السابقة، أصبح تغول وسيطرة الحكومات على الصحافة تاريخا قديما، فاليوم أصبحت الصحافة ومعلومتها سرا يفشى، ويستطيع المواطن هذه المرة أن يشل أداء هذه المهنة، وإن فهم البعض أن التهمة متعلقة بأسرار دولة فهو مخطىء، لأن السر المقصود في تلك المادة القانونية في قانون العقوبات هي "أية معلومة" وليست فقط المعلومة المتعلقة بالدولة أو بجهاز أو بشخصية أمنية ، ولو قام أحد الصحفيين بكتابة تصريح لمدير شركة او مسؤول او نائب او أية شخصية لها علاقة بقضية أو مشكلة ما، سيتم اعتبار هذه الكتابة "إفشاءً لسر" وبغض النظر عن المكان التي كتبت فيه، ويقوم شقي أي موظف في تلك الشركة بسجيل قضية عليه ويتهمه بإفشاء الأسرار بلا وجه حق، أعني الحق الذي خبره وقدره حسب قناعاته وميوله !.

والتحدي الآخر الذي يواجهه صحفيون يبلغ عددهم بالعشرات (حسب علمي)، متعلق بوظائفهم وأعمالهم كمستشارين اعلاميين في مؤسسات حكومية، فهؤلاء معرضون أكثر من غيرهم من الزملاء والزميلات الى تهمة موجهة لهم من مواطن عنوانها "إفشاء أسرار"، فليس عبدالهادي وحده من يعمل مستشارا في أجهزة ومؤسسات الحكومة، بل هناك العشرات مثله، وهناك المئات من الصحفيين يجمعون بين وظائف حكومية وأخرى صحفية(وهذا ليس تجاوزا بالمناسبة)، فهل هؤلاء محقون حين يتجاهلون ما مر به الزميل من توقيف استباقي على تهمة يمكن لأي شخص أن يوجهها لأي منهم؟..

أكرر رفضي للكتابة المنسوبة للزميل المجالي، ولا أريد تفنيدها هنا، لأنني ربما أقول كلاما لا يعجب بعضهم، لكنني بالتأكيد ضد الشتائم التي وردت فيها، لكن هذا ليس عذرا كافيا لمن تغاضى عن الوقوف ضد هذا الاجراء غير المسبوق في تاريخ الصحافة والقضاء، فنحن أمام قضية مثيرة، وازدادت غرابة، حين أسهم الصحافيون أنفسهم فغابوا، تحت وطأة المواقف والقناعات الشخصية من المتهم فيها..أسهموا في تكريسها كنقطة جدلية جديدة على طريق حرية التعبير قبل حرية الصحافة واستقلالية مهنتها..

أعتقد أن الزميل المجالي قد نال حكما وعقابا على ما فعله بعد أن نال هذه الفترة من الايقاف، وهذا الصمت من قبل الوسط الصحفي ، ويجب أن يخلى سبيله ويواجه القضاء بعيدا عن الايقاف .

ايها الزملاء: مع احترامي؛ كلكم قسوتم حين شخصنتم قضية الزميل، وإنكم إذ تخليتم، فقد تخليتم عن نصرة مهنتكم وأنفسكم..
تابعو الأردن 24 على google news