التأمين: مواطنون أم زبائن ؟!
ابراهيم عبدالمجيد القيسي
جو 24 : المطرب، غنى شيئا على «جيتار»، ربما مطلعه:
(مالي شغل بالسوق، مريت أشوفك).. ولا أعلم إن أردف أم ابتدأ بمقطع آخر:
(عطشان حفن سنين، واروى على شوفك)..... الى آخره أو إلى أوله، فالاتجاهات مذاهب لدى العاشقين الظامئين.
هل تعلمون كم أنا ظامىء يا هؤلاء؟
إن الوطن قبل الأسواق وبعدها، هو الوطن، كما الحق والعدل والخير، فهل يعلم المديرون لشركات التأمين في بلدي بأن الذين يراجعونهم ويؤمنون عندهم هم بشر، وأصحاب حقوق، وإنهم مواطنون لا زبائن؟
تتقصى ممارسات موظفي شركات التأمين (خصوصا في أقسام الحوادث)، تسجيل إنجازات لصالح الشركة، وحين ترى الموظف يلاحق حقوق الشركة افتئاتا على حقوق الناس، تتساءل عن (شغل السوق)،فهل مطلوب من هؤلاء الناس أن يحضروا سماعات مثلا، ليقفوا خلف «كاونتر»، في مواجهة موظف شركة التأمين، ويصرخون في وجهه (شو هالمبلغ حبيبي..سيارتي اتكسرت ..انشطبت، وبتعطوني 200 دينار؟)، وبعد أن يتأكد أن كل ال(زبائن) والموظفين يصغون إليه، يضيف (انتوا نصابين وحرامية)، ثم تتدخل الشرطة.. مهلا، لماذا يوجد شرطة أمام أقسام الحوادث في شركات التأمين التي تضم (موظفين شاطرين)؟.. نعم، هناك مظاهرة يومية في مثل هذه الأقسام وفي أكثر من شركة.
المواطن يموت ربما، أو يخرج بإصابات، أو يسلم من حادث سير، وكذلك تتفاوت الأضرار في سيارته التي كانت طرفا في الحادث، ورغم نجاته من الموت، يقع ثانية في خط سير شركات «في السوق» لا ترحم، وتعتبر لحم المواطن وماله بمثابة مال قابل للتسييل في أرصدتهم المتضخمة.
هناك ثقافة غائبة لدى الشركات العاملة في هذا المجال، ولدى المواطن كذلك، الذي هو (مجرد زبون) في عرف تلك الشركات، فحين تتعرض سيارة المواطن المؤمنة لدى تلك الشركة لحادث، تفقد من قيمتها الفعلية لو قرر المواطن بيعها، وتحاول شركة التأمين أن تتملص من تعويض المواطن عن هذا الضرر، وتتغافل عن المشكلة التي وقع فيها نتيجة خراب سيارته، كأن تتعطل أعماله..والمواطن أيضا، لديه قناعة راسخة بأنه سيدخل في حرب لا علاقة للأخلاق بها، فهو مطلوب منه أن يرفع صوته، ويغضب، و(يقطّع الحجازين)، حتى يأخذ حقه، وحين تدخل الى قسم الحوادث وتلقي نظرة واحدة، تدرك أن الجو مكهرب باستمرار، وأن شرارة واحدة تحيل الموقف الى معركة بين الموظفين والمراجعين المطالبين بحقوقهم وتأميناتهم في حوادث السير، وهذا سبب وجيه يستدعي وجود الشرطة، فقسم الحوادث في بعض شركات التأمين بيئة خطرة، يلزمها تواجد أمني..
مع تفاقم مشكلات الوضع الاقتصادي، وأمام فشل وإفلاس بعض هذه الشركات، يلزمنا تشريعات حكومية جديدة، لضمان حقوق المواطنين، خصوصا وأن هيئة التأمين تم إلحاقها بوزارة الصناعة والتجارة، فمثل هذا الإلحاق مطلوب، ومطلوب أيضا مزيد من متابعة ومراقبة وتدخل من قبل الوزارة، فالمواطن الأردني جدير بأن يشعر بالأمن والأمان على مقتنياته التي «ألزمناه» بتأمينها فعلا لدى شركة تأمين، لم تعلم بعد أن فلسفة «إلزامية التأمين» هي مزيد من أمن ينعم به المواطن على نفسه وماله عند وقوع الحوادث..
المطرب المذكور؛ ماذا لو – لاسمح الله- لطشته سيارة وهو بالسوق، ونحن نعلم أن : ماله شغل بالسوق، وهو ظامىء بالشوق، هل تراه ينال تأمينا لو خبطته سيارة (مأمّنة ضد الغير أو شامل)؟، سيخرج موظف ويتحدث عن الأسس، وعن التسويات وعن الجيتار أيضا، سيقول : لو حمل معه (أورغ) لرآه السائق وتجنب ضربه، مالوش عند الشركة شيء، وهو يعترف (ماله شغل بالسوق).. بدو ميه وقهوة بنعطيه بس مصاري مالوش عند الشركة..هيك أسس التأمين.
أيها المطربون.. الأردن فقير مائيا، فغنوا «أغاني غير» واعلموا أن الأسواق ليست مسرحا ولا ساحات قتل، والتأمين أحد مشتقات الأمن وربما مصادر الأمن.
الدستور
(مالي شغل بالسوق، مريت أشوفك).. ولا أعلم إن أردف أم ابتدأ بمقطع آخر:
(عطشان حفن سنين، واروى على شوفك)..... الى آخره أو إلى أوله، فالاتجاهات مذاهب لدى العاشقين الظامئين.
هل تعلمون كم أنا ظامىء يا هؤلاء؟
إن الوطن قبل الأسواق وبعدها، هو الوطن، كما الحق والعدل والخير، فهل يعلم المديرون لشركات التأمين في بلدي بأن الذين يراجعونهم ويؤمنون عندهم هم بشر، وأصحاب حقوق، وإنهم مواطنون لا زبائن؟
تتقصى ممارسات موظفي شركات التأمين (خصوصا في أقسام الحوادث)، تسجيل إنجازات لصالح الشركة، وحين ترى الموظف يلاحق حقوق الشركة افتئاتا على حقوق الناس، تتساءل عن (شغل السوق)،فهل مطلوب من هؤلاء الناس أن يحضروا سماعات مثلا، ليقفوا خلف «كاونتر»، في مواجهة موظف شركة التأمين، ويصرخون في وجهه (شو هالمبلغ حبيبي..سيارتي اتكسرت ..انشطبت، وبتعطوني 200 دينار؟)، وبعد أن يتأكد أن كل ال(زبائن) والموظفين يصغون إليه، يضيف (انتوا نصابين وحرامية)، ثم تتدخل الشرطة.. مهلا، لماذا يوجد شرطة أمام أقسام الحوادث في شركات التأمين التي تضم (موظفين شاطرين)؟.. نعم، هناك مظاهرة يومية في مثل هذه الأقسام وفي أكثر من شركة.
المواطن يموت ربما، أو يخرج بإصابات، أو يسلم من حادث سير، وكذلك تتفاوت الأضرار في سيارته التي كانت طرفا في الحادث، ورغم نجاته من الموت، يقع ثانية في خط سير شركات «في السوق» لا ترحم، وتعتبر لحم المواطن وماله بمثابة مال قابل للتسييل في أرصدتهم المتضخمة.
هناك ثقافة غائبة لدى الشركات العاملة في هذا المجال، ولدى المواطن كذلك، الذي هو (مجرد زبون) في عرف تلك الشركات، فحين تتعرض سيارة المواطن المؤمنة لدى تلك الشركة لحادث، تفقد من قيمتها الفعلية لو قرر المواطن بيعها، وتحاول شركة التأمين أن تتملص من تعويض المواطن عن هذا الضرر، وتتغافل عن المشكلة التي وقع فيها نتيجة خراب سيارته، كأن تتعطل أعماله..والمواطن أيضا، لديه قناعة راسخة بأنه سيدخل في حرب لا علاقة للأخلاق بها، فهو مطلوب منه أن يرفع صوته، ويغضب، و(يقطّع الحجازين)، حتى يأخذ حقه، وحين تدخل الى قسم الحوادث وتلقي نظرة واحدة، تدرك أن الجو مكهرب باستمرار، وأن شرارة واحدة تحيل الموقف الى معركة بين الموظفين والمراجعين المطالبين بحقوقهم وتأميناتهم في حوادث السير، وهذا سبب وجيه يستدعي وجود الشرطة، فقسم الحوادث في بعض شركات التأمين بيئة خطرة، يلزمها تواجد أمني..
مع تفاقم مشكلات الوضع الاقتصادي، وأمام فشل وإفلاس بعض هذه الشركات، يلزمنا تشريعات حكومية جديدة، لضمان حقوق المواطنين، خصوصا وأن هيئة التأمين تم إلحاقها بوزارة الصناعة والتجارة، فمثل هذا الإلحاق مطلوب، ومطلوب أيضا مزيد من متابعة ومراقبة وتدخل من قبل الوزارة، فالمواطن الأردني جدير بأن يشعر بالأمن والأمان على مقتنياته التي «ألزمناه» بتأمينها فعلا لدى شركة تأمين، لم تعلم بعد أن فلسفة «إلزامية التأمين» هي مزيد من أمن ينعم به المواطن على نفسه وماله عند وقوع الحوادث..
المطرب المذكور؛ ماذا لو – لاسمح الله- لطشته سيارة وهو بالسوق، ونحن نعلم أن : ماله شغل بالسوق، وهو ظامىء بالشوق، هل تراه ينال تأمينا لو خبطته سيارة (مأمّنة ضد الغير أو شامل)؟، سيخرج موظف ويتحدث عن الأسس، وعن التسويات وعن الجيتار أيضا، سيقول : لو حمل معه (أورغ) لرآه السائق وتجنب ضربه، مالوش عند الشركة شيء، وهو يعترف (ماله شغل بالسوق).. بدو ميه وقهوة بنعطيه بس مصاري مالوش عند الشركة..هيك أسس التأمين.
أيها المطربون.. الأردن فقير مائيا، فغنوا «أغاني غير» واعلموا أن الأسواق ليست مسرحا ولا ساحات قتل، والتأمين أحد مشتقات الأمن وربما مصادر الأمن.
الدستور