jo24_banner
jo24_banner

الـ"لا" الملكية: التشفي بـ"السعادة" وتقويض الدولة

عدنان برية
جو 24 : إبطال الملك "تقاعد النواب، بـ "لا" ملكية، مسوّغة بـ "شكوك دستورية" و"مزاج شعبي ساخط"، يثير "الخوف" و"القلق"، على ما تضمنته من رضا شعبي "مزيف"، لا يدرك من "الحقيقة" إلا إحباط مسعى مجلس النواب.

مبدئياً، فارق كبير بين "السعادة الشعبية" و"التشفي الشعبي"، فالأولى رهن طمأنينة ورضا، والثانية تعبير عن "استعداء" و"غضب" تترافقان مع فقدان حيلة ووسيلة تمكنان "الشعبي" من سلطته الحقيقية، التي وهبها – لـ النواب - دون أدنى مقدرة على استدراكها.

الإرادة الملكية، رغم تحقيقها الغاية الشعبية "الآنية"، بـ"إحباط" مسعى النواب، إلا أنها عجزت عن تحقيق الطمأنينة، المفضية إلى ركائز تضبط إيقاع الدولة، بل على نقيض ذلك، كرست تمادي السلطة وتعديها على الإرادة الشعبية، التي هي أصل السلطات ومصدرها.

لا شك أن مشهد الأيام المنقضية يغص بالتفاصيل، التي تثير الخوف من الواقع والقلق على الغد:

أولا: الغياب التام للقدرة الشعبية على فرض إرادتها المباشرة في تحديد مسار وأداء سلطات الدولة، وبالتالي اضطرارها إلى اللجوء للسخط والاستنكار، المجرد من أية قوة قانونية أو دستورية تمكنها من تصويب المسار.

ثانيا: ظهور السلطة التشريعية - مجدداً - في حالٍ يخالف الإرادة الشعبية، ويتنكر لها، ويستبد بها، لإدراكها التام بـ "القيمة الصفرية" للشعب خلال ولاية مجلس الأمة (4 سنوات) وبعدها، وليقينها المطلق بعجز مؤسسات المجتمع المدني (الأحزاب وغيرها) عن القيام بدورها التحريضي والتحشيدي.

ثالثا: تكريس مؤسسة العرش كضامن للسلطات، وكسلطة مرجعية عليا ووحيدة للدولة، دون أدنى اعتبار لمصدر السلطات، ما يعني الانكفاء عن دولة المؤسسات لصالح العودة إلى عهد تمركز السلطة في القصر، ما يؤدي – بالضرورة – إلى تفريغ المؤسسات السيادية من مضمونها السلطوي.

رابعا: تواطؤ السلطة التنفيذية على الدولة الأردنية، وسعيها إلى "الاسترضاء" على حساب الأمة ومستقبلها الوطني، والتمادي في نخبويتها وطبقيتها بما يحقق "النخبة والطبقة الأبدية" المشكِلة للسلطة في الأردن.

المطلوب الآن، دون مواربة وإرجاء، إعادة السلطة إلى صاحبها، بتعديلات دستورية تمنح الشعب حق إقالة ممثليه، وتمكنه من واقعه ورسم مستقبله، تشريعاً وتنفيذاً، مع الحفاظ على سلطات ملكية ضامنة "فقط" لشكل النظام السياسي في البلاد، فالديمقراطية الحقيقية هي تمكين الشعب من وطنه، إدارةً وتخطيطاً.

تخطفنا راهناً لحظة النشوة بـ "التشفي"، لكنها نشوة منقضية بإبطال المسعى النيابي الحالي، ومتلاشية التأثير في اللحظة اللاحقة للنشوة، فالسلطات ستعاود ديدنها، في "تبرير" و"شرعنة" سلوك ورغبات بعضها البعض، متجاهلة تماما الإرادة الشعبية.

إن حقيقة ما شهده الأردن، بين الخميس والاثنين، هو إعلان رسمي ببطلان "دولة المؤسسات والقانون"، وتراجع حقيقي وجوهري عن "قيم الديمقراطية الحقيقية"، التي عمادها الأساسي الشعب، وليس القصر أو أياً من السلطات.
تابعو الأردن 24 على google news