البحبشة..
ابراهيم عبدالمجيد القيسي
جو 24 : حكايات «الطفر» مؤلمة، وكذلك حكايات التخلص منه، وحين البحث عن وسيلة تريح الطفران من عناء التفكير والحسابات المعقدة، تبرز فكرة شراء ورقة ( اليانصيب الخيري)..مثلا، وثمة أفكار أخرى، كالنصب والسرقة أو البحش بحثا عن دفائن كالذهب..
في مراحل من العمر، في الطفولة تحديدا، تعرفنا الى بعض هؤلاء الظرفاء، الذين يؤمنون بوجود حلول تحت الأرض لأنواع من الطفر، أعني غير القبر والموت، فهم مقتنعون تماما بأن أحدهم سبق له وأن وضع كنزا من ذهب، ومات، وبقي الكنز بانتظار أن يبحش عنه طفران منا، فيجده ثم «يقب» على وجه الدنيا، ويصبح ثريا..
كنت طالبا في المرحلة الاعدادية، حين تعرفت الى أحد هؤلاء، وكان أكبر مني بأعوام، ويدخن «هيشي»، ويحدثني عن مساعدين له من عالم الجن، يستطيعون أن يعملوا معه كدليل وخبير في الآثار والدفائن، و»الرزقة» المكتوبة، التي يحرسها «رصد» منهم وعلى هيئة أفعى كبيرة متوحشة.. (لا تخاف؛مد ايدك وامسك الذهب وستختفي الأفعى على الفور، وإن لم تفعل ستتحول الى تمثال)!، لكن؛ لا بد من حرق انواع من البخورالثمين، وتلاوة بعض الكلمات اللاعربية ، ونداء خدام من الجن بأسمائهم الغريبة..وال»هيشي» شغال، وابريق الشاي يحتاج الى تسخين للمرة العاشرة.، ولم يكونوا اكتشفوا المحارم الورقية بعد، لكن الشماغ كان متعدد الأغراض..
وآخرون؛ ينصبون على الناس، ويقولون لدينا جهاز أصلي للكشف عن الخبايا الدفينة، الجهاز حديث، لا يرن الا على الذهب، وقد يوضبون عملية نصب مدروسة، كأن يدفنوا شيئا، ثم يؤدوا مسرحية لإقناع الضحية، فيرن جهاز كشف المعادن حين البحث «التجريبي او التوضيبي»، ليقع أحدهم ضحية سهلة في أيدي هؤلاء الخبراء، ثم يبدأ الدفع.. (نريد 2000 دينار لتطوير الجهاز، أو إصلاح قطعة معطوبة فيه، وربما ينقصهم مبلغ لشراء جهاز أكثر حداثة..فيدفع الطرف الضحية، وربما تنتهي القصة بمثل هذه الخسائر البسيطة، أو قد تتطور لتصبح بعشرات ومئات الآلاف)..
لا أستبعد اقتراف الخطايا، ولا وجود الخبايا، لكنني لا أعتمدها وسيلة لانهاء الطفر، فالفكرة خيالية، خصوصا حين تكون القناعة راسخة، بأن الذهب يتحول الى تراب حين يراه أو يلمسه «المنحوس»، لكن أغلب الناس أصبحوا يميلون الى أفكار الثراء المباغت، ويؤمنون بأن في الغيب قَدَرا «ذهبيا»...
ترى؛هل يوجد لي صديقة جنية بنت جنية، تكون من ذوات الدم البارد، وممسوخة على هيئة أفعى سوداء أو رقطاء، ومنذ آلاف السنين تحرس كنزا وفيرا من الذهب؟..يا لخيال التواكل والكسل والبخت المايل!.
سوف أداهمها في بياتها أثناء شتاء طويل، وأكتب عنواني ورقم هاتفي على صندوق الذهب، وحين تصحو الجنية بنت الجنية، وتشرع في تشميس الكنز، لا بد ستقرأ أن (أبي كان مؤمنا صالحا، وأن تحت الجدار كنزا لي، سيأتي «الخضر» ليقيم الجدار فوقه قبل أن ينقض، حتى أكبر وأستخرج كنزي..)!.
ستقرأ الجنية اسمي وعنواني، ولا بد؛ ستتصل الأفعى الرقطاء على رقمي، وتقول بأنها تعبت من الحراسة، وتسألني عن طريقة لتوصيل الأمانة..
يا بختي!.
الدستور
في مراحل من العمر، في الطفولة تحديدا، تعرفنا الى بعض هؤلاء الظرفاء، الذين يؤمنون بوجود حلول تحت الأرض لأنواع من الطفر، أعني غير القبر والموت، فهم مقتنعون تماما بأن أحدهم سبق له وأن وضع كنزا من ذهب، ومات، وبقي الكنز بانتظار أن يبحش عنه طفران منا، فيجده ثم «يقب» على وجه الدنيا، ويصبح ثريا..
كنت طالبا في المرحلة الاعدادية، حين تعرفت الى أحد هؤلاء، وكان أكبر مني بأعوام، ويدخن «هيشي»، ويحدثني عن مساعدين له من عالم الجن، يستطيعون أن يعملوا معه كدليل وخبير في الآثار والدفائن، و»الرزقة» المكتوبة، التي يحرسها «رصد» منهم وعلى هيئة أفعى كبيرة متوحشة.. (لا تخاف؛مد ايدك وامسك الذهب وستختفي الأفعى على الفور، وإن لم تفعل ستتحول الى تمثال)!، لكن؛ لا بد من حرق انواع من البخورالثمين، وتلاوة بعض الكلمات اللاعربية ، ونداء خدام من الجن بأسمائهم الغريبة..وال»هيشي» شغال، وابريق الشاي يحتاج الى تسخين للمرة العاشرة.، ولم يكونوا اكتشفوا المحارم الورقية بعد، لكن الشماغ كان متعدد الأغراض..
وآخرون؛ ينصبون على الناس، ويقولون لدينا جهاز أصلي للكشف عن الخبايا الدفينة، الجهاز حديث، لا يرن الا على الذهب، وقد يوضبون عملية نصب مدروسة، كأن يدفنوا شيئا، ثم يؤدوا مسرحية لإقناع الضحية، فيرن جهاز كشف المعادن حين البحث «التجريبي او التوضيبي»، ليقع أحدهم ضحية سهلة في أيدي هؤلاء الخبراء، ثم يبدأ الدفع.. (نريد 2000 دينار لتطوير الجهاز، أو إصلاح قطعة معطوبة فيه، وربما ينقصهم مبلغ لشراء جهاز أكثر حداثة..فيدفع الطرف الضحية، وربما تنتهي القصة بمثل هذه الخسائر البسيطة، أو قد تتطور لتصبح بعشرات ومئات الآلاف)..
لا أستبعد اقتراف الخطايا، ولا وجود الخبايا، لكنني لا أعتمدها وسيلة لانهاء الطفر، فالفكرة خيالية، خصوصا حين تكون القناعة راسخة، بأن الذهب يتحول الى تراب حين يراه أو يلمسه «المنحوس»، لكن أغلب الناس أصبحوا يميلون الى أفكار الثراء المباغت، ويؤمنون بأن في الغيب قَدَرا «ذهبيا»...
ترى؛هل يوجد لي صديقة جنية بنت جنية، تكون من ذوات الدم البارد، وممسوخة على هيئة أفعى سوداء أو رقطاء، ومنذ آلاف السنين تحرس كنزا وفيرا من الذهب؟..يا لخيال التواكل والكسل والبخت المايل!.
سوف أداهمها في بياتها أثناء شتاء طويل، وأكتب عنواني ورقم هاتفي على صندوق الذهب، وحين تصحو الجنية بنت الجنية، وتشرع في تشميس الكنز، لا بد ستقرأ أن (أبي كان مؤمنا صالحا، وأن تحت الجدار كنزا لي، سيأتي «الخضر» ليقيم الجدار فوقه قبل أن ينقض، حتى أكبر وأستخرج كنزي..)!.
ستقرأ الجنية اسمي وعنواني، ولا بد؛ ستتصل الأفعى الرقطاء على رقمي، وتقول بأنها تعبت من الحراسة، وتسألني عن طريقة لتوصيل الأمانة..
يا بختي!.
الدستور