2024-04-24 - الأربعاء
Weather Data Source: het weer vandaag Amman per uur
jo24_banner
jo24_banner

الإمام والمتسولة

ابراهيم عبدالمجيد القيسي
جو 24 : «القوادة أم الشحادة»؛ أيهما أخف وطئا على النفوس المعذبة ؟!.

ثمة من يمتهنهما معا، ولا يشعر بشيء، أعني إن صحته تمام، والمهم الصحة في عرف هؤلاء وعرف الصامدين صمتا عنهم وعن وجعهم، وعن شدة ما يجرحون نفوسا بشرية متوازنة.

بعد صلاة الجمعة أمس الأول؛ وفي مسجد كثيرا ما تجنبت حضور صلاة الجمعة فيه، لكنني أنسى، فأجد نفسي مستمعا لخطبة خطيبه، وسبب تجنبي الجمعة في المسجد المذكور يعود لأمرين بل لمصيبتين، تجرحان قلبي كلما حضرت جمعة، فأجلد ذاتي: لماذا لم أذهب الى مسجد آخر؟!..

الأمر الأول هو خطيب المسجد؛ الذي أكاد أجزم بأنه يحمل شهادة دكتوراة، ويدرس إحدى مواد الشريعة في إحدى جامعاتنا، ويقدم خطبة متراقصة بين الشرع والسياسة والتثوير والتنوير، والمبالغات الطفولية، التي لا قيمة فيها سوى بعض المصطلحات اللغوية، التي يبحث عنها مراهقو الكلمة.. بالمناسبة: ما هو موضوع خطبة الجمعة أمس الأول؟!

وما أنساني أن أذكرها أو أتذكرها إلا الأمر الثاني:
قال «وائل كفوري» تعليقا على أداء وصوت أحد المتسابقين في عرب أيدول، صوته له فعل «جك الهمر»، وكان يعني بأنه صوت قوي جدا، حين تسمعه تنسى كل الأصوات الأخرى التي سمعتها ذاك اليوم، أو التي تتردد في ذهنك، ولم يكن يعني الإزعاج بالطبع، لكنه يعني القوة.. أما أنا هنا، فصوت «المتسولة» في المسجد، التي تقدم وصلتها أثناء خروج العابدين من المسجد، ينسيني موضوع خطبة الجمعة، ولا يتردد في ذهني إلا النداءات المهنية الموزونة، التي تطلقها الشحادة بإتقان يفوق إتقان الخطيب لخطبته، وتفعل في النفس السوية الفعل ذاته وهو «الإزعاج»، والاقتراب الى فهم خطاب الكذب والفوضى والكفر بالمشاعر الانسانية، علاوة على نسيان أبجديات التعاطف بين البشر..

أقسم إنني أمنع نفسي عن الوقوف والاعتراض على ما يقوله الخطيب، حين يمزج السياسة بالسياحة بالفن بالشرع بالحليب والخمر، وأمنع نفسي كذلك من إغلاق فم تلك المرأة التي تفجر بالكلام طلبا للنقود، وأجزم بأن كثيرين مثلي، بالنسبة للمتسولة على الأقل، يخرب بيتها ما أعلى صوتها وما أوضح مخارج حروفها! لا سيما حين تردد على امتداد عمرها: الله يعطيكوا ..ساعدوني ..أقسم بالله العظيم ما معي أدفع أجرة البيت ..وتقول عن الأطفال وعن الخبز، ولا أعلم ربما تصل بحديثها الى «الكاشو» أيضا، فالسياق طويل كعمرها في ممارسة المهنة..

هذا خدش للحياد والحياء، وعبث في مشاعر التراحم والتكافل بين المسلمين، وإساءة بالغة لأصحاب الحاجات الذين كانت وما زالت مساعدتهم عبادة..


(الدستور)
تابعو الأردن 24 على google news