حرب البسطات وحرائق ربيعها..
ابراهيم عبدالمجيد القيسي
المثال «البوعزيزي» ملهما، والانتحار بالنار كذلك، والقرارات الادارية المغتربة، أعني «الدايت» من أي بعد اجتماعي، هي القرارات الأيسر بالنسبة لمسؤولين لا يلتفتون الى أنين أو وجع الفقراء، ويتعاملون على طريقة رجال الفضاء في إدارة شؤون الناس ذات البعد الاجتماعي.
قرار إزالة البسطات من سوق العبدلي في غير مكانه، وتوقعنا أن تتوالى تداعياته الى حد سيحرج الجميع، فالمسألة لا تتعلق فقط بأرزاق ألف أو الف وخمسمئة عائلة أردنية فقيرة، بل يسهل اعتباره قرارا متعلقا بالحرب على «داعش» أو على قطعان المستوطنين الذين يدنسون ويهددون الأقصى المبارك، ويمكن أن يقوم فنان تشكيلي برسم لوحة تعبر عن فكرة، يعتبر فيها بسطات العبدلي مركز اللون والكون ومصادر أوكسجين الابداع والانتفاع ..فالإبداع جنون كما تعلمون.
لا يجوز توريط الدرك وسائر أجهزة الأمن في موضوع البسطات تحت مسميات كبيرة كهيبة الدولة وغيرها، فهي لعبة مكشوفة وغير مقبولة، وأحداث الجمعة والسبت يؤكدان هذا، فنحن لا نقبل مطلقا التعرض لرجل الأمن، ولا نقامر أو نغامر بسمعته ونضعه في مواجهة أناس كانوا غاية في السلمية، حين سعوا لكسب رزق حلال في مكان كان بالأمس، وكان خيارا حضاريا مثاليا، عبر عن تماهي الإدارات مع المنطق ومع توجيهات جلالة الملك بالتخفيف عن الناس، لكننا اليوم وبسبب بؤس وغربة قرارات بعض المسؤولين، نواجه فوضى وتداعيات لا مسؤولة حول قرار يعتبره الناس متوحشا وغير مبرر، يتقصى «تنظيف» العبدلي من سوق جمعتها، الذي دبجنا فيه قصائد بالأمس، باعتباره فتحا إداريا إنسانيا أردنيا.. لنعود اليوم ونجعله شيطنة وتلويثا للمدينة وعشوائيات يجب التخلص منها !.
سوق الجمعة في العبدلي نظيف ولطيف وفيه بضاعة مناسبة لفئات من الشعب مناسبة أيضا، وتنظيمه أفضل من إزالته وأقل كلفة على الدولة وأمنها ومستقبلها وحربها ضد الفكر المتطرف..
اللهم فاشهد.
الدستور