jo24_banner
jo24_banner

الدور على الأردن؟

فهد الخيطان
جو 24 : ما الذي يدفع بصحف عالمية ومحللين أجانب إلى القول، وبثقة أحيانا، إن الدور سيكون على الأردن بعد سورية؟
هل هي مجرد انطباعات عن مسار محتمل لثورات الربيع العربي، أم أن تفاقم أزماتنا الداخلية يدفع إلى مثل هذا الاستنتاج؟
تقديرات "الأجانب" لا تبتعد كثيرا عن مخاوف الأردنيين من الوصول إلى نقطة اللاعودة، وانسداد الأفق.
لا يقلق الأردنيون من المصاعب الاقتصادية، فقد تعايشوا معها عقودا؛ ولا من أزمة مياه، فهم يعلمون أن بلادهم من أفقر عشر دول مائيا في العالم. الأردن بلد شحيح الموارد، اعتمد منذ تأسيسه على المساعدات، ودائما ما كان يعاني من الفساد والمديونية. عندما أفلست الخزينة، لم نكن قد خصخصنا ثرواتنا المعدنية وشركاتنا الوطنية. ولدينا اليوم بنية تحتية وخدمات صحية وتعليمية أفضل مئة مرة مما كانت عليه في عقدي السبعينيات والثمانينيات.
الجيش الأردني أفضل تسليحا، والأجهزة الأمنية أعلى كفاءة، وفرص التعبير بحرية لا تقارن أبدا مع أيام الاحكام العرفية، ولا حتى مع السنوات الأولى من عهد التحول الديمقراطي.
ما يقلق الأردنيين بجد هو التراجع الكبير في قدرتنا على إدارة الأزمات، والعجز عن الوفاء بمتطلبات تطوير الدولة ومؤسساتها، والانهيار المريع في ثقة المواطنين بالدولة.
في المنعطفات التاريخية الصعبة، كانت الدولة الأردنية الأقدر بين دول المنطقة على توليد مقاربات تمكنها من اجتياز المخاطر. أكثر ما يقلق في هذه المرحلة هو عجز الدولة عن إدراك المخاطر المترتبة على تعثر عملية الإصلاح الشامل، وانهيار الإجماع الوطني على ثوابت الحكم. لم نعد نتعامل مع عملية الإصلاح السياسي باعتبارها حاجة وضرورة وطنية كما قلنا من قبل، بل مجرد تنازلات تضمن لذات الطبقة السياسية التحكم بعملية صناعة القرار في المستقبل؛ بمعنى آخر، إدارة اللعبة السياسية وليس تغيير قواعدها كما تستدعي عملية الإصلاح.
وتسيطر على النخبة الحاكمة نظرة عدائية تجاه الجماعات السياسية والناشطين المطالبين بشراكة حقيقية في الحكم، وكأنهم غرباء جاؤوا لاغتصاب سلطة مملوكة لهذه النخب حصرا.
يتوهم ساسة في الحكم أن عدم متابعة أخبار التحولات في العالم العربي يكفي للاعتقاد بأن ثورات الربيع العربي صارت من الماضي! حالة من الإنكار لم نشهد لها مثيلا، وثقة متهورة بالنفس رغم الانفجارات الاجتماعية التي تتوالى يوميا في أرجاء البلاد، وفوضى الخطاب السياسي المؤذية.
يسعى الفريق السياسي ذاته إلى مقايضة الإصلاحات بالاسترضاءات لفئات اجتماعية، في محاولة يائسة لإقناع المجاميع الشعبية الساخطة بالتنازل عن المطالب الأساسية مقابل جوائز ترضية اعتادت الدولة على تقديمها في السابق لشراء الولاء. هذه السياسة لم تعد تجدي. وإن أفلحت في تهدئة الناس لفترة من الوقت، فإنها تفقد أثرها بعد حين.
حالة الإنكار تدفع بأصحابها إلى تبني نظرية المؤامرة. مثل هذا الداء أصاب بعض مسؤولينا؛ فحوادث العنف الاجتماعي تقف خلفها جهات خارجية وفق وصف بعض الوزراء، ومشاجرة جامعة مؤتة التي استخدمت فيها الأسلحة النارية والبيضاء والزجاجات الحارقة، هي مجرد مشادة بسيطة ضخمتها وسائل الإعلام!
صحفيون ومحللون على بعد آلاف الأميال منا يدركون ما نواجه من مخاطر، بينما لا يشعر بعض مسؤولينا بالحاجة إلى إصلاحات حقيقية وعاجلة؛ فقد مرت موجة التغيير من فوق رؤوسهم. هل تصدقون؟!الغد
تابعو الأردن 24 على google news