2024-09-03 - الثلاثاء
Weather Data Source: het weer vandaag Amman per uur
jo24_banner
jo24_banner

الدوار الرابع سجينا

فهد الخيطان
جو 24 : التظاهر والاعتصام أمام المقرات الحكومية والرئاسية، من أرفع أشكال التعبير والاحتجاج السلميين في الدول الديمقراطية، وتخصص لها ساحات ثابتة، يلجأ إليها أصحاب المطالب والمظالم لإسماع صوتهم لأصحاب القرار، أو الاحتجاج على قرارات حكومية.
لم يكن لدينا في الأردن مثل هذا التقليد. لكن في مرحلة الربيع العربي، صار أصحاب القضايا السياسية والمطلبية يقصدون الدوار الرابع، باعتباره أقرب نقطة إلى مبنى الحكومة ومكتب رئيس الوزراء.
وشهد "الرابع" خلال السنة ونصف السنة الماضية عشرات الاعتصامات والتظاهرات، السياسية والفئوية.
وفي بعض الأوقات، كان الدوار على ضيق مساحته، يحتضن أكثر من مناسبة في نفس الوقت. وللدوار الرابع فضل على الكثيرين؛ فقد منحهم فرصة تعريف الرأي العام بمطالب فئوية وشخصية لم نكن نسمع بها من قبل. وعلى خلفية الاعتصامات التي شهدها، نالت فئات اجتماعية وعمالية حقوقها.
المستفيد الأكبر مما يمكن وصفه بـ"هايد بارك" الدوار الرابع هو الحكومة؛ فبدلا من أن تكلف نفسها عناء النزول إلى الشارع للاستماع إلى مطالبه، وزيارة الناس في مواقعهم لتلمس مطالبهم، كان الجميع، ومن شتى الأطياف السياسية والطبقات الاجتماعية، يأتون إليها بأنفسهم. ولم يكن مطلوبا من المسؤولين في الرئاسة سوى الجلوس في مكاتبهم والاستماع إلى أصوات المتظاهرين وهم يعدون المطالب، ويسجلون الانتقادات على السياسات الرسمية.
لكن الحكومة المتبرمة من مبدأ الحوار "رفست النعمة برجليها"، وقررت تعطيل آخر وسيلة اتصال لها مع الجمهور؛ لا بل فعلت أكثر من ذلك، لقد قررت زج الدوار الرابع في السجن. ولأن من الصعب عليها نقله إلى مركز إصلاح وتأهيل الجويدة، فقد قامت بسجنه حيث هو؛ طوقته بالقضبان الحديدية من كل الاتجاهات، فأصبح أول سجن من نوعه في العالم: سجن في الهواء الطلق، تختنق فيه أصوات آلاف المواطنين الذين احتضنهم على مدار الأشهر الماضية.
الدوار الرابع يستحق حملة تضامنية للإفراج عنه في أسرع وقت، على غرار الحملات التي تطلقها الأحزاب ومنظمات حقوق الإنسان عند اعتقال ناشطين وأصحاب رأي.
الدوار الرابع معتقل رأي، سُجن دون محاكمة عادلة، وتهمته الوحيدة رعاية واحتضان اعتصامات المعارضين والمهمشين.
حرية التعبير أولى بالرعاية من حركة المرور، وسجن الدوار الرابع اعتداء على حق الناس في التعبير، وحقهم في قول رأيهم في السياسات العامة والتظلم لأصحاب القرار.
التضامن مع "الرابع" في سجنه تضامن مع مطالب الإصلاحيين وأصحاب الحاجة ممن وقفوا على جنباته لساعات وأيام.
الدفاع عن الدوار الرابع لا يضير الحكومة في شيء، فهو دفاع عن حقها أيضا في الاستماع للرأي الآخر وأصوات المظلومين، وإلا سيظل الرئيس وأصحاب المعالي معزولين في مكاتبهم لا يسمعون غير صدى أصواتهم.

fahed.khitan@alghad.jo



(الغد)
تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير