jo24_banner
jo24_banner

حراك المقاهي!

فهد الخيطان
جو 24 : يواظب المئات، وأحيانا الآلاف، من المواطنين على النزول إلى الشوارع نهاية كل أسبوع للمشاركة في مسيرات واعتصامات تطالب بالإصلاح ومكافحة الفساد. لكن في المقابل، هناك أضعاف مضاعفة من الأشخاص، من شتى الأعمار والجنسيات، يتوجهون يوميا إلى المقاهي أو "الكوفي شوبات" في عمان والمدن الكبرى. ومع قدوم شهر رمضان، يشهد حراك المقاهي زخما كبيرا، إذ تلتحق فئات جديدة، خاصة من النساء، بسهرات تمتد حتى الصباح.
في "كوفي شوبات" عمان، يندر أن تجد كرسيا فارغا في ساعات المساء. وبعض "القهاوي" تشترط الحجز المسبق، وتفرض رسوم دخول زيادة على قيمة الفاتورة.
وبخلاف اعتصامات ومسيرات الحراك الشعبي ذات الصبغة الجماعية، فإن حراك المقاهي موزع على شكل مجموعات صغيرة، صامتة في معظم الأحيان، وسط ضجيج يسمونه- تجاوزا- موسيقى.
لا ترتفع في حراك المقاهي شعارات، بل دخان كثيف يغطي المكان وما حوله؛ فالأرجيلة هي القاسم المشترك والثابت الوحيد في هذا الحراك. لساعات طويلة يجلس الرجال والنساء ممسكين بـ"بربيش" الأرجيلة، وتمر عليهم أوقات طويلة لا ينطقون فيها بكلمة واحدة، وفي حالة شرود ذهني تعجز عن تفسيرها.
لا يقل رواد حراك المقاهي عن عشرة آلاف شخص كل يوم في عمان وحدها، ولا تقل فاتورة الطاولة الواحدة عن عشرين دينارا. مبالغ كبيرة، إذن، ينفقها الأردنيون على "الكيف"، تفوق عند بعض الفئات نفقات الطبابة والتعليم، وهي تفوق بدون شك ما ينفقونه على شراء الكتب، واشتراك الإنترنت.
ثمة أشخاص كثر يفنون حياتهم من أجل حراك المقاهي، ويقضون معظم أوقاتهم في المقهى؛ ينجزون أعمالا مكتبية، ويديرون شبكة من الاتصالات الخاصة بأعمالهم، ويعقدون اجتماعات مهمة أيضا.
الفارق الجوهري بين حراك المقاهي والحراك الشعبي هو أن الأول مكلف أكثر من الثاني؛ فاتورة المشاركة فيه تفوق فاتورة المشاركة في اعتصام أو مسيرة، حتى إن "المشاريب" في حراك المعارضة كانت لفترة من الوقت على حساب الحكومة!
في الشارع تستطيع أن تقول ما تشاء دون أن تدفع فلسا واحدا، لا بل وتتلقى الشكر والتقدير من أصحاب الدعوة، بينما مجرد الحضور إلى مواقع حراك المقاهي يكلف "الشيء الفلاني".
حراك المقاهي يتفوق على الحراك الشعبي في كونه حراكا قوميا، لا بل وأمميا أيضا؛ فالمنخرطون فيه من جنسيات عربية وأجنبية مختلفة، يلتقون تحت "سقف" واحد من "الطلبات". ويعود الفضل في ذلك إلى العاصمة عمان التي اكتسبت في السنوات الأخيرة هوية "كوزموبوليتانية" متعددة الأجناس.
من يتردد على المقاهي هذه الأيام يدرك مدى شغف الأردنيين بالمشاركة في تقرير مصيرهم وصناعة مستقبلهم، ويشعر أيضا بأن سماء عمان ملبدة بالدخان؛ دخان الأراجيل!"الغد"
تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير