هل نحن في الزمان والمكان الصحيحين
اسوء الأزمان, زمن تختلط فيه أقدار الناس, يصبح الصغير كبيراً ... ويصبح الكبير صغيراً, ويغدو فيه الجاهل عالماً ... ويصبح العالم جاهلاً, ويموت فيه أصحاب المواهب ... ويقفز على قمته الجهلاء, وأسوأ الأوطان, وطن يعطيه الإنسان عمراً ويبخل عليه بساعة صفاء, وأسوأ المشاعر أن يصبح مصيري في يد من لا يعرف قدري, وأن أنام خائفاً من أن أمسي, ومنزعجاً من يومي ومتحسراً على ما هو آتٍ, وأسوأ الشعوب شعوب تمسك بها النيران من كل جانب ولا تحاول حتى أن تصرخ, وتحيط بها النكبات من كل مكان ولا تحاول حتى أن ترفض ... ويحكمها الشر وترضى ويسود فيها الصغار وترضخ ويذبح فيها الشرفاء كل يوم ... وتضحك, وأعجب حين أرى الناس تنخدع في أعدائها، تشكر جلادها، تهتف لسجَّانها, ينخدعون، ويُساقون إلى الذبح وهم ينظرون, يُسْلخون فلا يُسيئون الظنَّ بمَن يسلخهم, يُقتلون فيبتسمون ويُسحجون لمَن قتلهم, يُخدعون مرة بل ألف مرة, ولا يتحركون, اهكذا هي الشعوب؟ وأسوأ العقول عقل يرفض كل شيء أو يقبل كل شيء.
فالجميع في بلدي يجري كالسكاري عقولهم تحسب المصروف و عيونهم تحاول أن تبحث عن الطريق وسط الأدخنة و الغبار, بصعوبة يذكر إن كان نام أم لا, وإن كان أكل أم لا, ولا يذكر ماذا أكل, والوطن حاله من سيء إلى ما بعد منتهي السوء لم يعد أحد مثلما كان.
فغربتنا في اردننا كغربة النفس داخل جسدها و منزلها و ووطنها و وسط أهلها وهي أصعب أنواع الغربة التي يدمي لها القلب و تشتت العقل, فهل الشعور بالغربه داخل الوطن هو ما تسبب فى تبلد الاحاسيس و حالة اللامبالاه لدى الكثيرون من ابناء الوطن ؟؟
لماذا يا وطني لا اكون في زمان يعرف قدري ... ينصفني إذا أعطيت ... يعاقبني إذا أخطأت .. لا مكان فيه لحاقد أو مزيف أو دجال, وطن يعطيني بقدر عطائي ولا يخذلني في حبي, ولماذا لا تكون يا شعبي من أفضل الشعوب , شعوب تصنع العدل بالحكمة, وتقوم الحكام بالعدل وتطفئ النيران قبل أن تكبر, وترفع كبارها وتعلي شرفاؤها, ولماذا لا تكون عقولونا من افضل العقول, عقل لا يملّ البحث عن الحقيقة.
فإلى أين نحن ذاهبون في اردننا وفي أي اتجاه سائرون؟ سؤال يلتصق بالباب الرئيسي للفكر والعقل ولكل من له عقل وفكرٌ في هذا الوطن وكل من يتعدّى بصره وبصيرته موقع القدمين إلى الزمن البعيد والزمن القريب المقبل, ومن هذا السؤال تولد أسئلة، كيف هو المستقبل على هذه الأرض وفي هذا الوطن؟ ما هو مستقبل أحفادي والأطفال من أبنائي وبناتي؟ هل سيبقى الوطن مستقراً آمناً مترابطاً متماسكاً؟ هل سيكون للأجيال من أحفادي فرصة للعمل والكسب وتأمين حياةٍ كريمة؟ ام يكون مستقبلهم اسواء مما نحن عليه وتزيد غربتهم اكثر من غربتنا... وتتبلد احاسيسهم ... ويخونون الوطن.