رجال بلا عقول
خرجت في الصباح إلى حيث عملي ، تطايرت الأوراق ، وقلبت الأفكار ، ووقعت بعض الأحداث ، فوصلت إلى عملي متأخرا ، دخلت إلى غرفة المدير لأكتب اسمي في وقت النسيان ، طالت الكلمات واللكمات ، لم افهم شيئا سوى بعض التمتمات ، خرجت إلى حيث عملي ، وبدأت يومي بالابتسامات وبعض الإيحاءات ، انتهى وقت عملي ، و غادرت عملي إلى مكان إقامتي ، حيث حلي واستقراري ، نظرت إلى جانبي فلم أرى سوى جريدة ، أمسكتها قلبتها بعثرتها ، ثم رميتها ، ثم التفتت عيني إلى عنوان فيها اسمه " سيارة بلا سائق " ضحكت وابتسمت واغرورقت من القهقهة ، حتى سالت الدموع من عيني على خدعي ، سألتني أمي ما بك ؟ لماذا تضحك كالسكران ؟ ما الذي أضحكك في وقت الظهيرة والناس نيام ؟ قلت لها لا شيء سوى عنوان ، في جريدة غراء ، اسمه "سيارة بلا سائق" سألتني أمي ما الغريب في العنوان ؟ قلت لها : الغريب أن في أمتي رجال لا يملكون عقول ، الغريب أنني كلما أمسكت كتاب ربي وتأملت فيه ، بكيت على هؤلاء الرجال ، الذي خاطبهم الله في محكم كتابه : أفلا يعقلون ، أفلا يتدبرون ، أفلا يتفكرون ، أفلا يبصرون ، فهم كمثل الحمار يحمل أسفارا ، ليس لهم عقول يتفكرون بها ، ولا أفئدة يبصرون بها ، ولا فكرا يستنيرون به ، ولا هما يحملونه على ظهورهم ، ولا قضية يعلقونها على أكتافهم ، ولا هم صامتون يسمعون ما حل بأمتهم ، ولا هم جالسون لوحدهم ، قتلوا المفكرين بكذبهم ، قتلوا الأحرار بجهلهم ، هم عبيد في زمن ألقيت فيه العبودية لغير لله في القمامات ، وزجت العبودية لغير الله في عمق البحار، فلا معبود بحق سوى الله ، عطلوا شرع الله ، بعقولهم المعطلة ، افنوا أعمارهم بقتل الأحرار ، لم يستخدموا عقولهم إلا لحرق الإنسان ، وأنا أرى اخطر في ما يملكه الإنسان ، أن يعيش عبدا مهان ، يُعطل عقله وفكره من اجل أن يعيش بأمان ، في زمن اختفت فيه كل الأمنيات باحتلال العقول ومصادرتها في زمن الأوهام ، عرف الغرب ...!!! كيف يموت الإنسان ..؟؟ فقط..!!!إذا مات عقله ، وتعطل فكره ، ولم يحمل بحوزته وجعبته هما إلا رغيف خبزه ، وقوت يومه ............ هنا سلم على أمتك ، فالجهل فيها معشعش ، والغرب فيها يستوحل ، ولن يُعاد الأقصى ما دام فيها جهل مُغدق ، ولا أمان فيها ما دام مقدسها يُنتهك ، فكل أمان يُقال فيها بلا أقصى هو فن مفبرك ................