المعلمون مجندون لصالح فئة محظورة..!
محمود العايد
جو 24 : منذ أكثر من ثلاثة أشهر قالت نقابة المعلمين الأردنيين كلمتها، أنها تتيح المجال أمام الحكومة للقيام بواجبها بتعديل قانون الخدمة المدنية الجائر، وتحسين التأمين الصحي، ووضع قانون صارم لمن يعتدي على المعلمين، وأن النقابة ماضية في طريقها لتسحين الوضع المعيشي لكل منتسبيها من خلال علاوة الطبشورة وغيرها، ونقابة المعلمين قامت بذلك وفقا للقانون والدستور، وفي ذلك الوقت أوعز معالي وزير التربية والتعليم الدكتور محمد الذنيبات إلى رئيس ديوان الخدمة المدنية لإجراء التعديلات اللازمة على قانون الخدمة المدنية قبل مطلع آب فاستبشر المعلمون خيرا، لكن الغريب أن آب جاء وما زال المعلم يشتكي من أحوال القانون الجائر، والمعيشة الضنكى، والاعتداء المتكرر، والنظرة المشئومة ، نادى المعلمون بالحوار، ووقفوا وقفات احتجاجية تجاوزت الأربعين وقفة خلال هذه المدة، وطالبوا فيها الحكومة بالإسراع إلى تلبية مطالبهم العادلة، قبل بداية الدراسي الجديد، لكن لا مجيب، أُغلقت الأبواب، وسدت منافذ النسيم، ولم يكن أمام المعلمين إلا خيار واحدا، وهو الأسوأ على الإطلاق خيار الإضراب، وتعلم النقابة بنقيبها ونائب نقيبها ومجلسها وأعضاء الهيئة المركزية ومنتسبيها من الهيئة العامة حجم المأساة والضرر الذي سيلحق المجتمع من الإضراب، لكن في المقابل لن يُهمل المعلمون تلاميذهم، ولن يفوتهم شيئا من المنهاج وغيره، فالمعلمون أحرص ما يكون على وطنهم وأمتهم وأبنائهم الطلبة، لكن مطالبة المعلمين بحقوقهم تحتاج إلى قوة وصلابة دون تراجع أو استسلام، وأنا على يقين أن المجتمع الأردني بحضارته العريقة، وفكره النير يدرك مدى أحقية مطالب المعلمين وأهميتها، ويعلم أن راحة المعلم هي من تبني الوطن وتحميه، ولولا المعلم لما كان الوطن عاليا شامخا، لكن ما يؤسفني للغاية أولئك الذين يكيلون الاتهامات للمعلمين ويعتبرون أنهم مجندين لخدمة حزب أو جماعة، ويم الله أن هذا افتراء بعينه، فمطالب المعلمين في مجملها لتحسين الوضع الاقتصادي والاجتماعي والمكاني، ولا يوجد فيها مطلب واحدا سياسيا ويكذب من يقول غير ذلك، أنا في غربتي مع المعلمين في إضرابهم لنعيش بقية عمرنا في راحة وكرامة وعزة وكبرياء، فقد ولى عصر العبودية والخنوع، نؤمن بالحوار، وما زلت يد نقابتنا ممتدة إلى حكومتنا علها تعود إلى رشدها وتلبي مطالب المعلمين، معلمنا على قدر من الوعي ولن يستطيع أحد أن يجره أو يجيره إلى هواه، ولتعلم حكومتنا وهي تعلم أن المعلم هو الكائن الوحيد في الوطن الذي يعيش على كفاف وربما لا يكفيه الكفاف، ومع ذلك ضحى المعلم بكل ما لديه ليقدم عمره فناء للوطن عملا وقولا، لا قولا ونفاقا كما يتشدق المتشدقون من السحيجة والنواب والوزراء بحب الوطن، وهم لم يقدموا للوطن سوى التدليس والتهريج، ولولا المنفعة والتكسب غير المشروع ، لقاموا بهدم الوطن على رؤوس ساكنيه، ولعنوا كل من فيه، لكن ما دامت جيوبهم ممتلئة ، وأرصدتهم عالية ، ومناصبهم نافذة ، وكلمتهم مسموعة ، والمجتمع لهم من دون لله يركع فهم يشعروننا بحب الوطن ، يا سادة حب الوطن عبادة ، وليس شعارات ترفع ، ولا كلمات تكتب ، ولا ألفاظ هنا وهناك تسمع ، حب الوطن أن تُكرم معلماً ، وأن ترعى متفوقاً ، وأن تجازي عاملاً ، وأن لا تزدري موظفاً ، حب الوطن النهوض به ، ولا ينهض الوطن إن لم يتم تكريم معلماً ، وأقول للناعقين ماذا قدمتم للوطن ، ومن علمكم تجميع الحروف وترتيبها ، ومن فهمكم جمع الأرقام وطرحها ، أليس المعلم ، فلماذا تجازون الإحسان بالإساءة وتنكرون الجميل ، كفاكم هراء فالمعلم يبني الأوطان ولم يهدمها يا...