كادحو شركة الكهرباء يضربون
أحمد أبو خليل
في السير الذاتية لعدد من العمال الذين التقيتهم يوجد الكثير من تفاصيل المعاناة, بعضهم يعمل منذ حوالي ثلاثين عاماً, وعند الاستماع الى تسلسل وضعهم الوظيفي وخاصة المالي, وربط ذلك بما يعرفونه عن أرباح الشركة ومستوى الرواتب في الفئات العليا, وعن مجمل نشاط الشركة وطرق إدارتها, فإنك ستدرك أن لديهم قضية حقيقية.
لدى العمال المضربين تاريخ من محاولات الاحتجاج انتهت عادة بوعود لم يجر تلبيتها بشكل منصف بحسب روايتهم, وهم يستذكرون إضرابهم الكبير قبل حوالي عشرين عاماً, ثم محاولة الاضراب قبل عامين وسبقتها عدة تهديدات بالاضراب كانت تتلاشى مع وعود لم تلب عند عودة العمل الى طبيعته.
يمكن الجزم بأن الاضراب الحالي إضراب عمالي حقيقي بامتياز, فوجوه المشاركين يعلوها الكدح, وآثار التعب واضحة على أيديهم الخشنة. وهناك مستوى واضح من التماسك والوعي, فحتى من يقف في أقصى موقع في الاضراب, يعرف أهدافه جيداً. وعندما سألت عن سر المشاركة العالية والحماس المرتفع, لخص لي احدهم الموقف بقوله: إنه بركان كان خامداً لسنوات طويلة وقد جاء أوان انفجاره.
تبقى قصة الجهة التي دعت للاضراب (النقابة المستقلة) في غياب النقابة الرسمية. فرغم أني من المتخوفين من تفتيت التمثيل النقابي والمشككين بدوافع بعض نشطائه, لكن هذه المسألة ينبغي أن توجه للنقابات "الرسمية" ذاتها التي تتحمل المسؤولية الكاملة عن حالة البلادة والكآبة في بعضها وحالة "خيانة" مصالح العمال في بعضها الآخر, فهي المسؤولة عن التفتيت لو حصل. ولكن بكل الأحوال فإن هذا الأمر يعتبر الآن خارج نقاش الإضراب الحالي الذي يفترض أن يجري التعامل معه بجدية واحترام.
العرب اليوم