jo24_banner
jo24_banner

هل سيُسمح للعسكريين بالتصويت في الانتخابات النيابية؟

محمد الصبيحي
جو 24 : يطالب نواب وسياسيون أن يعيد قانون الانتخاب الجديد للعسكريين حق التصويت في الانتخابات النيابية، ولهم في ذلك حجج ومبررات تتلخص في أن تصويت العسكريين سيحد من قوة الصوت الموجه للمعارضة وبالذات الحركة الاسلامية، وأن حجب حق التصويت عن العسكريين يعتبر أنتقاصا من حقوقهم الدستورية كمواطنين بغض النظر عن مهنتهم.
ان هذا الاقتراح ليس جديدا وقد سبق أن رفضه الملك المرحوم الحسين بن طلال طيب الله ثراه أثناء جلسة حوار خاصة ما زال بعض شهودها أحياء، وكان ذلك قبيل انتخابات 1993 حيث كان متوقعا تزايد صعود نجم الاسلاميين في المجلس النيابي الحادي عشر المنتخب عام 1989، فاقترح أحد الحضور على المرحوم السماح لمنتسبي القوات المسلحة والاجهزة الامنية بالتصويت في الانتخابات، فرد أحد الحضور بخطورة هذا الاجراء مستندا الى أن جيشنا العربي جيش محترف ترسخت تقاليده بعيدا عن السياسة ومناوراتها، وحين تمنح العسكريين حق التصويت عليك أن تمنح المرشح حق توجيه الدعاية الانتخابية الى العسكريين وزجهم في الحوارات وفتح المعسكرات أمام المرشحين لمقابلة الناخبين، وكان أن رفض جلالته رحمه الله منح العسكريين حق الانتخاب.
ومن الناحية القانونية والدستورية فان منع العسكريين من ممارسة حق الاقتراع لايشكل انتقاصا من حقوقهم الدستورية، فالنص القانوني في قوانين الانتخاب المتعاقبة جاء على النحو التالي (يوقف استعمال حق الانتخاب للعسكريين العاملين في القوات المسلحة والمخابرات العامة والامن العام والدفاع المدني وقوات الدرك طيلة وجودهم في الخدمة الفعلية ) وهذا قيد مؤقت على أستعمال الحق الدستوري تماما كغيره من القيود الدستورية على فئات من المواطنين مثل منع الموظف العام من الترشح في الانتخابات ما لم يقدم أستقالته مسبقا وقبل فترة محددة من موعد الانتخابات، وذلك بالنظر الى أن طبيعة عمل الموظف العام تفرض أن تكون عليه سلطة أشرافية أدارية تتناقض مع سلطة النائب المستقلة عن السلطة التنفيذية، وكذلك الامر بالنسبة للعسكريين فان انتماءهم الى المؤسسة العسكرية يفرض عليهم تنفيذ الاوامر بدقة ودون مناقشة، وحرمانهم من حق الانتخاب انما جاء أيضا لحماية المؤسسة العسكرية من التدخل في الانتخابات باعطاء أوامر بالتصويت باتجاه ما وأيضا حماية العملية الانتخابية وضمان نزاهتها وحيادها.
ان المطالبات بمنح العسكريين حق الانتخاب تلقي ظلالا من الشك والشبهات على العملية الديمقراطية برمتها، ولن تكون الا محاولة مكشوفة لتحجيم تيار سياسي بعينه، ليست هذه هي الوسيلة المثلى لمنافسته في الانتخابات، وفي اعتقادي أن رئيس الحكومة يدرك تماما مخاطر منح العسكريين حق الانتخاب، ولعل هذا ما يفسر أن تلك المطالبات جاء من أطراف غير حكومية.
من حق الحكومة أن تمارس الديمقراطية أيضا مثلها مثل أي تيار سياسي فتحاول تمرير قانون يحد من قوة تيار سياسي معين ويرفع من قوة تيار آخر فهذا ما تفعله الحكومات الحزبية التي تصل الى الحكم في الدول الديمقراطية ولكن بالطرق الدستورية وعبر مجلس الامة، ومن حق المعارضة العمل على رفضه أو تعديله أيضا من خلال مجلس الامة..
الرأي
تابعو الأردن 24 على google news