jo24_banner
jo24_banner

قاض في الجنة وقاضيان في النار

محمد الصبيحي
جو 24 :


قال عليه الصلاة والسلام: "الْقُضَاةُ ثَلَاثَةٌ: اثْنَانِ فِي النَّارِ، وَوَاحِدٌ فِي الْجَنَّةِ: رَجُلٌ عَرَفَ الْحَقَّ فَقَضَى بِهِ، فَهُوَ فِي الْجَنَّةِ، وَرَجُلٌ عَرَفَ الْحَقَّ فَلَمْ يَقْضِ بِهِ، وَجَارَ فِي الْحُكْمِ، فَهُوَ فِي النَّارِ، وَرَجُلٌ لَمْ يَعْرِفِ الْحَقَّ، فَقَضَى لِلنَّاسِ عَلَى جَهْلٍ، فَهُوَ فِي النَّارِ." رواه الأربعة.

وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله تعالى عنه قَالَ: "قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: مَنْ وَلِيَ الْقَضَاءَ فَقَدْ ذُبِحَ بِغَيْرِ سِكِّينٍ." رَوَاهُ أحمد، والأربعة،
ويعرف التاريخ الاسلامي كثيرا من الأئمة والفقهاء كانوا يتوارون عن أعين الخلفاء ومجالسهم حتى لا يسند اليهم منصب القضاء، ومنهم من ارتضى ان يسجن على ان يتولى القضاء ، كما ثبت ان أئمة المذاهب الاربعة رفضوا تولي منصب القضاء.

وقال ابن قدامة – رحمه الله - : "القضاء خطر عظيم ، ووزر كبير ، لمن لم يؤدِّ الحق فيه ، ولذلك كان السلف رحمة اللّه عليهم يمتنعون منه أشد الامتناع ، ويخشون على أنفسهم خطره".

ولا شك ان منصب القضاء شرف كبير واجر عظيم لمن قام به عن علم وامانة و لما فيه من انصاف للمظلومين واحقاق للحقوق ودفع للمظالم ، ومع ذلك فان علماء وفقهاء كبار كانوا لا يرون في انفسهم الكفاية والمعرفة التي تؤهلهم لتولي منصب القضاء إلا أن احد اهم اسباب عزوفهم عن تولي المنصب القضائي كان خوفهم من سطوة الحكام ورجال السلطة وجنوحهم الى التدخل في القضاء أو التوسط لديه .

لقد تغيرت الاحوال بتراجع حال الامة وبالنكوص الحضاري فتراجعت معها المفاهيم والاعراف القضائية فاصبحت وظيفة القضاء مطلبا يتزاحم في طرق ابوابه واعتلاء منصاته كثيرون ، واتسعت المظالم بين الناس حتى ضاقت بها ردهات المحاكم الأمر استوجب ان يكون التقاضي على درجات فتخضع احكام قضاة الدرجة الادنى لتدقيق ومراجعة من قضاة الدرجة الأعلى ، وهم الذين تقع عليهم المسؤولية الشرعية والدنيوية والعبء الاكبر في تحقيق العدل وحماية قضاة الدرجة الاولى من الزلل او التأثير عليهم في قضائهم ، ومن اجل تحقق المراد كانت ضوابط استقلال القضاء تقوم على ثلاثة اعمدة :الاول حسن الاختيار العلمي والسلوكي والاجتماعي لمن يعين في منصب القضاء ، والثاني المنع الصارم من التدخل في عمل القاضي من اي جهة كانت حتى من رؤسائه في المرفق القضائي وهو التدخل الاكثر خطرا وضررا ) واستقراره الوظيفي حماية من النقل التعسفي ، والثالث كفاية القاضي وعائلته من تكاليف العيش والعلاج والتنقل والتعليم حتى لا يحتاج الى الاخرين ولا يتأثر بمغريات الحياة ونفوذ ذوي المال والسلطة.

ان الدولة التي تضع رجال القضاء في درجة متأخرة من (البروتوكول) فتقدم عليهم الوزراء والمدراء تضع نفسها في درجة متأخرة على سلم الحضارة والعدالة والتقدم .

كلمات دلالية :

تابعو الأردن 24 على google news