2024-05-20 - الإثنين
Weather Data Source: het weer vandaag Amman per uur
jo24_banner
jo24_banner

عن يعقوب وسلوى زيادين

أحمد أبو خليل
جو 24 : أزور بين فترة وأخرى القائد والرمز الوطني الدكتور يعقوب زيادين (أبوخليل), لقد دخل منذ سنة في عقده العاشر, غير أنه لا يزال مواظباً على الحياة, ففي كل مرة وبعد الجلوس بقليل يبادرني للسؤال: ماذا علينا أن نفعل في هذه الظروف?

قبل عشر سنوات كان أبوخليل دائم السؤال وبقلق عن مصير ومعنى ستين عاماً من عمره قضاها مناضلاً متنقلاً من سجن لآخر ومن ملاحقة لأخرى, كان الدافع لهذا السؤال واضحاً, فقد كان ينظر بأسى الى ما آلت اليه الحركة الشيوعية في بلده والعالم, وكان قلقاً على المعنى والدور والدلالة والنتيجة النهائية لكل هذا. كنت حينها أخوض معه حوارات طويلة حول ما هو ثابت ونهائي فيما قدمه مع رفاقه لوطنه, فليست النتيجة السياسية المباشرة هي المهمة, بقدر أهمية الكثير من القيم والمعاني والممارسات التي أدخلها أبوخليل وجيله من المناضلين الى العمل السياسي, أقصد قيماً مثل التضحية ونكران الذات والثبات, ومعنى أن يعيش المرء مخلصاً لمبادئه, ثم ممارسات الاستنارة والانفتاح, وغير ذلك مما مثله ذلك الجيل في ظروف الأردن قبل ستين عاماً.

في زيارات السنوات الأخيرة لأبي خليل اختفى ذلك السؤال القلق. إنه متابع لتفاصيل ما يجري, يحضر ما يستطيع من النشاطات ومن موقع متواضع خفيف الظل, ولن أنسى قبل سنتين مثلاً, وبينما كنت أحمل طرف يافطة في اعتصام تضامني ضد الاعتداء على ليث الشبيلات, عندما نظرت فجأة الى الطرف الآخر من اليافطة فإذا أبوخليل هو شريكي في حملها. إن لدى أبوخليل الشيوعي ابن التسعين ما يكفي من سعة الأفق لكي يتضامن وبقوة مع قائد إسلامي, بل ولكي يعلن ذات مرة أنه "مرشحه". وقبل أسابيع زرته فإذا به مأخوذ بالمنطق الذي كان يخطب به السيد نصرالله أمين عام حزب الله في إحدى المناسبات, ثم استغرق في الحديث عن المستوى الأخلاقي والنضالي لدى هذا الحزب. بالمناسبة, وأرجو أن تمسكوا الخشب هنا, فأبوخليل يقرأ يومياً ما لا يقل عن سبع ساعات ويتابع الانترنت, ويجادل حول ما يقرأه بحيوية.

تشارك أبا خليل في كل ذلك رفيقة دربه السيدة سلوى زيادين, تلك السيدة التي لا تقل صلابة عن رفيقها, مثلما لا تقل عنه تواضعاً. أذكر قبل 35 عاماً بالضبط, كنت في السنة الثانية في جامعة اليرموك, حضرت إلى عمان لتوجيه دعوة إلى رئيسة اتحاد المرأة الأردنية آنذاك السيدة دعد معاذ لتلقي محاضرة في الجامعة, فعرفتني على زميلاتها الجالسات معها, ثم أشارت إلى سيدة أنيقة تكبرهن جميعاً كانت تحمل بيدها مكنسة تزيل بها الغبار عن مدخل مبنى الاتحاد, وقالت لي: إنها سلوى زيادين عضو قيادة الاتحاد. طرت فرحاً حينها بالمشهد المتواضع لزوجة القائد يعقوب زيادين, فقد كانت مثل تلك المشاهد تثير فينا قدراً كبيراً مما صار يسمى "الرومانسية الثورية". ولكني للأسف لم أستطع حينها أن أعرفها على نفسي. إن أم خليل لا تزال إلى اليوم, سيدة أنيقة مرحبة وصلبة ولا يفارقها التواضع.
العرب اليوم
تابعو الأردن 24 على google news