عضوية الأمم المتحدة.. نصر جديد
الاعتراف بدولة فلسطين عضواً مراقباً في هيئة الأمم المتحدة، ليس خطوة عابرة لا تأثير لها؛ وإنما هي خطوة مهمة في اتجاه تحقيق الأهداف الفلسطينية. وما شهدناه من احتفالات وطنية للشعب الفلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة وفي الشتات، قبل وبعد التصويت في الأمم المتحدة، دليل على توق الفلسطينيين إلى التحرير والاستقلال والحرية.
نعم، هي خطوة على طريق طويلة من النضال والتعب والعمل والتضحيات، ومواجهة الاحتلال بعدوانيته وعنجهيته ومؤامراته ومخططاته لتهويد ما تبقى من فلسطين من خلال زرعها بالمستوطنات، وتدمير المقدسات الإسلامية والمسيحية. ولكن هذه الخطوة السياسية تبقى ناقصة إذا لم تُتبعها القوى الفلسطينية المتنوعة بخطوات عملية على الأرض. فالاعتراف بفلسطين عضوا مراقباً في منظمة الأمم المتحدة ليس نهاية المطاف. وإذا لم تتبعه خطوات وخطوات، وإجراءات فعلية فلسطينية وعربية، فإن حركة التقدم ستتوقف، وسيعاني الفلسطينيون الكثير من الاحتلال الذي يستمر بعدوانه لتهويد الأرض ومصادرة ما تبقى منها.
مواجهة الاحتلال، بعد الخطوة المهمة، يجب أن تتم على عدة خطوط وجبهات. إذ يجب إعادة اللُحمة الفلسطينية، وإنهاء الانقسام الذي طال أمده وتعددت سلبياته؛ فلا يجوز الآن، وبعد الانتصارين في غزة وفي الأمم المتحدة، أن تبقى الساحة الفلسطينية متشرذمة ومنقسمة وضعيفة. فليس بالشرذمة والانقسام يمكن مواجهة الاحتلال والانتصار عليه. وتجربة غزة كانت دليلا على أهمية تلاحم واصطفاف جميع القوى والفصائل في مواجهة العدوان الإسرائيلي.
مواصلة الكفاح والنضال من أجل تحصيل الحقوق الفلسطينية تستدعي الوحدة الحقيقية وليس الشكلية؛ فلا يجوز أن تعقد اللقاءات والمؤتمرات، وتجرى الاتصالات بين حركتي "فتح" و"حماس" وباقي الفصائل، ولا ينتج عنها اتفاق على إنهاء الانقسام، والعمل بشكل موحد لمواجهة الاستحقاقات، وعلى رأسها الاحتلال وعدوانه المتواصل على الشعب الفسطيني وقضيته الوطنية.
يجب تعزيز المقاومة لمواجهة مخططات الاستيطان والتهويد الخطيرة التي تهدف إلى السيطرة على كافة الأراضي الفلسطينية، وتشريد الشعب الفلسطيني. فالمخططات الصهيونية مستمرة ولا تتوقف، وأي تساهل على هذا الصعيد سيؤدي إلى المزيد من قضم الأراضي الفلسطينية والاستيلاء عليها، ما يوجب تعزيز وتطوير المقاومة لمواجهة هذه المخططات.
كما أن المقدسات الاسلامية والمسيحية في عين الخطر، ونسمع يوميا عن مستوطنات، وتهويد في القدس، ومحاولة لكسر إرادة سكان المدينة المقدسة. ولا يكفي هنا التنديد، وإنما العمل الحقيقي لتعزيز تمسك الفلسطينيين بأرضهم ومقدساتهم. وهذا العمل يتطلب جهودا فلسطينية وعربية وإسلامية ودولية.
من تجربة غزة والاعتراف بفلسطين في الأمم المتحدة، فإن الانتصار على المحتل ممكن وليس مستحيلا؛ فالعدو الإسرائيلي مهما كانت قوته، فإن التمسك بالحق، والمقاومة، والتشبث بالأرض، وبمساعدة العرب وكل الأخيار في العالم، تساهم جميعها في تحقيق النصر المرتجى.
(الغد)