الحرائق الحدودية: ضعف الرد الرسمي شجع "إسرائيل" على مواصلة خروقاتها
لم تلتفت السلطات الإسرائيلية للمطالبة الرسمية الأردنية بتقيد جيش الاحتلال بكميات المتفجرات المتفق عليها سابقا أثناء عمليات تفجير الألغام المحاذية لنهر الأردن، حفاظا على السلامة العامة للمواطنين والتجمعات السكانية في المنطقة.
لذلك، تسببت التفجيرات التي وقعت يوم الأربعاء الماضي في حرائق امتدت إلى الأراضي الأردنية، فالتهمت نحو 150 دونما من المحاصيل الزراعية في زور الربيع التابع للواء دير علا.
وهذه ليست المرة الأولى التي تؤدي فيها مثل هذه التفجيرات في المناطق الحدودية إلى حرائق تطال مزارع وحقولا أردنية، ما يكبد المزارعين خسائر مادية كبيرة لا يمكن تجاوزها بسهولة.
وللأسف، فإن سلطات الاحتلال لا تلتزم دائما بما يطلب منها رسميا من الأردن فيما يتعلق بكمية المتفجرات عند إزالة الألغام، ما يسبب الرعب للمواطنين المقيمين في المناطق القريبة، وقد يتجاوزهم دويها العالي ليصل إلى مواطنين مقيمين في عمان، فضلا عن امتداد الحرائق الناتجة في مرات عديدة إلى المناطق المحاذية، والتهام محاصيل زراعية أردنية، بدون أن تكترث (سلطات الاحتلال الإسرائيلي) ولو قليلا بالمطالبات الرسمية الأردنية، وبما لحق بمصالح المواطنين من أضرار كبيرة.
فإسرائيل حتى الآن لم تعوض أيا من هؤلاء المزارعين ممن حرقت ودمرت محاصيلهم بالرغم من تشكيل لجان لحصر الأضرار، وإرسال نتائجها إلى سلطات الاحتلال التي لم تحرك ساكنا.
ويبدو أن ضعف المطالبات الرسمية الأردنية لتعويض المزارعين، وبالالتزام بالاتفاقات بين الجانبين، شجع الطرف الآخر على التمادي. فالتحركات الهادئة وغير اللحوحة يمكن تجاهلها، وعدم الالتفات إليها، وفق المنطق الإسرائيلي الذي لم يتعود أن يستجيب لأي دعوات أو قرارات لا تفرض عليه فرضا، وحتى لو تم تقديم اعتذار، وهو نادرا ما يحصل، فإنه يكون سطحيا غير ملزم، ومجرد كلمات لا تقدم ولا تؤخر.
وكانت حكومات سابقة تفكر في تقديم شكوى دولية بحق إسرائيل لتعنتها حيال ملف الحرائق الحدودية في وادي الأردن، إلا أنها للأسف لم تقم بذلك، وبقيت الأمور على حالها.
ونتيجة لما عودنا إسرائيل عليه، فإنها لا تتوانى عن تكرار التفجيرات والحرائق، وفق ما تراه مناسباً لها، متجاهلة مراعاة الأردن ومصالح مزارعيه ومواطنيه. وهذا التعامل الصلف والمتعالي لا يختلف مع مواضيع أخرى، كالمياه والأسرى.
إن ذلك يستدعي من الحكومة إعادة النظر في طريقة معالجة هذا الملف، وممارسة حقيقية جادة وحازمة تجاه هذه الخروقات على كل الصعد.
لدى الحكومة الكثير من الأوراق لتلعبها، حتى تلتزم إسرائيل بتعويض المزارعين الأردنيين، وعدم التسبب بحرائق جديدة، ووقف الخروقات في الملفات الأخرى. فهل تلجأ إليها الحكومة حتى تعيد الحق لأصحابه؟