يا ظلام السجن خيم
يوسف غيشان
جو 24 :
على ذمة وسائل الإعلام فإن أشخاصا افتتحوا فندقا في النمسا . هذا ليس خبرا مهما بالطبع ، لكن المهم في هذا الفندق أنه مشيد على شكل سجن كامل المواصفات والمقاييس، وتقوم على إدارته مجموعة من السجانين القساة والسجّانات الأكثر قسوة.
طبعا النزول في هذا الفندق أغلى بكثير من الفنادق الأخرى، من ذات التصنيف و عدد النجوم، لأنه يقدم خدمات متميزة للزبائن، ناهيك عن أنه يحتاج – كما أسلفنا- الى كادر إداري متخصص وفيلق فني أكثر تخصصا ، وربما يحتاج الى علماء نفس وباحثين إجتماعين للتعامل مع هكذا نوعيات من الزبائن، وربما يحتاج احيانا الى توظيف (مساجين) حتى يتمتع الزبون بلذة الإحساس بأنه يقيم في سجن حقيقي تماما .
الزبائن!! .....إنهم –على الأغلب- أناس من بالغي الإستقامة في المجتمع ولا يخالفون قوانينه، لذلك فإن فرصتهم في (التمتع) بعملية الإعتقال والسجن نادرة تماما ، الا اذا تم توقيف أحدهم لأنه دهس شخصا في الشارع، ولا شك أن الدهس العمد يتطلب جرأة كبيرة ويعرض المواطن الى هزة نفسية ، ناهيك أن أنه- في معظم الحالات- يتم تكفيله بسرعة قياسية لا تتيح له فرصة الوصول الى السجن الحقيقي .
لذلك فإن المبيت في هذا الفندق ، رغم أسعاره العالية جدا، إلا أنه سيكون –بلا شك- أوفر كثيرا، إذا رغبنا بالتمتع في تقمص دور السجين بشكل كامل، أو شبه كامل ،لأنني استبعد أن يقدموا للسجناء(الزبائن) خدمة التعرض للتشطيب بالسكاكين والشفرات من قبل سجناء آخرين أو خدمة الإغتصاب ، وما شابهها من أفعال قاسية ،قد تحصل في السجون الحقيقية.
من مجريات الخبر – كما قرأته وسمعته- فهمت أن الزبون يتعرض أولا الى تفتيش قاس ودقيق، وربما يصفّون الزبائن في طابور من أجل استلام بذلة السجن وبعض الحاجيات الضرورية، ثم يتم توزيع- السجناء الأفاضل- على عنابر السجن بذات الطريقة التي يتم فيها توزيع المجرمين، وقد يعمد بعض الزبائن الى طلبات خاصة، مثل الإحتجاز الإنفرادي في زنزانة تحت الأرض مثلا ...والزبون دائما على حق، اذا كان مستعدا للدفع طبعا.
بالتأكيد سيفصلون الرجال عن النساء- كما في السجن الحقيقي، وربما تتم زيارات، عبر الشبك، بين السجين وعائلته والأصدقاء والشامتين ، وسوف يعيش الزبون السجين داخل العنبر مع السجناء الآخرين الذين يرتدون زي السجن الموحد وينامون على الأسرة الحديدة المركبة فوق بعضها، وربما يتشاجرون على من يحصل على السرير الأرضي، وعلى بعض التفاصيل الصغيرة، لأنهم يشغلون حيزا محدودا يتصارع الجميع عليه.
بالطبع سيكون هناك أبواب مغلقة ، وخروج منظم ، حسب مزاج السجان، الى الحمام، إذا لم تتوفر حمامات داخل العنبر. وسيكون هناك خفر قساة يتجولون بعصيهم ومسدساتهم بين عنابر السجن، وربما يتم توزيع وبيع الممنوعات داخل السجن الفندقي ، كما يحصل في السجون العادية.
وجبة الغداء سوف يتم تناولها في قاعة الطعام ، وعلى طاولات خشبية ممتدة ومقاعد خشبية ثابتة، وربما يتم افتعال شجارت لغايات المزيد من الإثارة في هذا المجتمع الذكوري (أو الأنثوي) الإفتراضي، وربما يكون هناك قاعة رياضة وملاعب رياضية، وساحة يتجول فيها المساجين في ساعات (الفورة).
بالتأكيد سيكون هذا الفندق ناجحا في دولة أوروبية، مثل النسما، حيث حقوق الإنسان مصانة تماما، وربما سيفتتح أصحاب الفندق فروعا أخرى في السويد والنرويج وغيرها من الدول الأوروبية ودول العالم.
وبالتأكيد لن ينجح هكذا مشروع عندنا نحن العرب، لأننا أصلا نعيش في سجن كبير .وارخص بكثير.
(الدستور)
على ذمة وسائل الإعلام فإن أشخاصا افتتحوا فندقا في النمسا . هذا ليس خبرا مهما بالطبع ، لكن المهم في هذا الفندق أنه مشيد على شكل سجن كامل المواصفات والمقاييس، وتقوم على إدارته مجموعة من السجانين القساة والسجّانات الأكثر قسوة.
طبعا النزول في هذا الفندق أغلى بكثير من الفنادق الأخرى، من ذات التصنيف و عدد النجوم، لأنه يقدم خدمات متميزة للزبائن، ناهيك عن أنه يحتاج – كما أسلفنا- الى كادر إداري متخصص وفيلق فني أكثر تخصصا ، وربما يحتاج الى علماء نفس وباحثين إجتماعين للتعامل مع هكذا نوعيات من الزبائن، وربما يحتاج احيانا الى توظيف (مساجين) حتى يتمتع الزبون بلذة الإحساس بأنه يقيم في سجن حقيقي تماما .
الزبائن!! .....إنهم –على الأغلب- أناس من بالغي الإستقامة في المجتمع ولا يخالفون قوانينه، لذلك فإن فرصتهم في (التمتع) بعملية الإعتقال والسجن نادرة تماما ، الا اذا تم توقيف أحدهم لأنه دهس شخصا في الشارع، ولا شك أن الدهس العمد يتطلب جرأة كبيرة ويعرض المواطن الى هزة نفسية ، ناهيك أن أنه- في معظم الحالات- يتم تكفيله بسرعة قياسية لا تتيح له فرصة الوصول الى السجن الحقيقي .
لذلك فإن المبيت في هذا الفندق ، رغم أسعاره العالية جدا، إلا أنه سيكون –بلا شك- أوفر كثيرا، إذا رغبنا بالتمتع في تقمص دور السجين بشكل كامل، أو شبه كامل ،لأنني استبعد أن يقدموا للسجناء(الزبائن) خدمة التعرض للتشطيب بالسكاكين والشفرات من قبل سجناء آخرين أو خدمة الإغتصاب ، وما شابهها من أفعال قاسية ،قد تحصل في السجون الحقيقية.
من مجريات الخبر – كما قرأته وسمعته- فهمت أن الزبون يتعرض أولا الى تفتيش قاس ودقيق، وربما يصفّون الزبائن في طابور من أجل استلام بذلة السجن وبعض الحاجيات الضرورية، ثم يتم توزيع- السجناء الأفاضل- على عنابر السجن بذات الطريقة التي يتم فيها توزيع المجرمين، وقد يعمد بعض الزبائن الى طلبات خاصة، مثل الإحتجاز الإنفرادي في زنزانة تحت الأرض مثلا ...والزبون دائما على حق، اذا كان مستعدا للدفع طبعا.
بالتأكيد سيفصلون الرجال عن النساء- كما في السجن الحقيقي، وربما تتم زيارات، عبر الشبك، بين السجين وعائلته والأصدقاء والشامتين ، وسوف يعيش الزبون السجين داخل العنبر مع السجناء الآخرين الذين يرتدون زي السجن الموحد وينامون على الأسرة الحديدة المركبة فوق بعضها، وربما يتشاجرون على من يحصل على السرير الأرضي، وعلى بعض التفاصيل الصغيرة، لأنهم يشغلون حيزا محدودا يتصارع الجميع عليه.
بالطبع سيكون هناك أبواب مغلقة ، وخروج منظم ، حسب مزاج السجان، الى الحمام، إذا لم تتوفر حمامات داخل العنبر. وسيكون هناك خفر قساة يتجولون بعصيهم ومسدساتهم بين عنابر السجن، وربما يتم توزيع وبيع الممنوعات داخل السجن الفندقي ، كما يحصل في السجون العادية.
وجبة الغداء سوف يتم تناولها في قاعة الطعام ، وعلى طاولات خشبية ممتدة ومقاعد خشبية ثابتة، وربما يتم افتعال شجارت لغايات المزيد من الإثارة في هذا المجتمع الذكوري (أو الأنثوي) الإفتراضي، وربما يكون هناك قاعة رياضة وملاعب رياضية، وساحة يتجول فيها المساجين في ساعات (الفورة).
بالتأكيد سيكون هذا الفندق ناجحا في دولة أوروبية، مثل النسما، حيث حقوق الإنسان مصانة تماما، وربما سيفتتح أصحاب الفندق فروعا أخرى في السويد والنرويج وغيرها من الدول الأوروبية ودول العالم.
وبالتأكيد لن ينجح هكذا مشروع عندنا نحن العرب، لأننا أصلا نعيش في سجن كبير .وارخص بكثير.
(الدستور)