ممثلون حتى الرمق
يوسف غيشان
جو 24 : في الزمانات ، كانت النظريات النقدية الكلاسيكية والمدرسية تؤكد بأن المسرح هو محاكاة للواقع بطريقة فنية ، وانعكست ظلال هذه النظرية ، حتى تم تطبيقها على السينما والتلفزيون وبقية وسائل الإتصال المرئية والمسموعة.
لكن رجالات السياسة وساسة الشعوب في اسطبل الحياة عكسوا هذه النظرية النقدية ، وجعلوا الحياة تتحول الى انعكاس فج – ومقلوب احيانا- لما نراة على خشبه المسرح، بالتالي صار الفن مجرد تابع صغير للساسة يعبر عن طموحاتهم وسفسطاتهم وصراعاتهم، لكأنهم محور هذا الكون البالغ التمدد.
في المدرسة كنا ندرس ونتعلم ثم يمتحنوننا ، أما في حياة رجال السياسة، فاننا نواجه الامتحانات وتنال منا الخوازيق تلو الخوازيق ، فنتعلم منها الدروس ... والدرس الأول الذي نتعلمه ، هو أن نقع في الخطأ ذاته مرات ومرات ..تماما كالممثل على خشبة المسرح الذي يعيد الدور يوميا ويقع في ذات الأخطاء ولا يتعلم منها شيئا.
على خشبة المسرح وبين الجمهور نلحظ أكبر عملية تواطؤ، وكلما كان التواطؤ أكبر ، كانت المسرحية ناجحة ، والجمهور أكثر تمتعا بالفن:
-الفنان يعرف أنه يمثل.
-والفنانة تعرف ان الفنان يمثل وأنه لا يبحبها بجنون كما يدعي بينما تنهال دموعه لتعبر عن مشاعره وهي دموع مزيفة بالضرورة.
-عدو الممثل في المسرحية، هو ممثل، والعداء الذي يظهر جليا على الخشبة ، هو تزوير للحقية وقد يكونان من أعز الأصدقاء.
-القاتل ..لا يندم على جريمته بعد انتهاء العرض.
-المقتول ينهض بعد العرض ، وربما يخرج مع قاتله لتناول القهوة.
-الجمهور يعرف أن من هم أمامه هم مجرد ممثلين ، وأن ما يحصل ليس واقعيا.
وهنا يكون التواطؤ بين الممثلين والجمهور على ابعاد الحقيقة ، وتخيل الوهم كجقيقة، والتصرف بناء عليه.
هكذا يفعل السياسيون تماما ..يخلقفون لنا عالما وهميا وافتراضيا .
-نحن نعرف انهم يمثلون
-وهم يعرفون أننا نعرف أنهم يمثلون.
لكننا .وعندما يتعادى السياسيون على أرض الواقع .. يجعلوننا نتعادى ، وينسّوننا أننا نمثل وأنهم يمثلون ، فندخل في حرب اقليمية وطائفية ضد بعضنا ونقتل بعضنا في الحقيقة وليس على خشبة المسرح.
ولا نتذكر بأننا لعبنا مسرحيتهم، وصدقناها ، الا ونحن نلفظ أنفاسنا الأخيرة.
نيني نيني.... كع كع
ghishan@gmail.com
(الدستور)
لكن رجالات السياسة وساسة الشعوب في اسطبل الحياة عكسوا هذه النظرية النقدية ، وجعلوا الحياة تتحول الى انعكاس فج – ومقلوب احيانا- لما نراة على خشبه المسرح، بالتالي صار الفن مجرد تابع صغير للساسة يعبر عن طموحاتهم وسفسطاتهم وصراعاتهم، لكأنهم محور هذا الكون البالغ التمدد.
في المدرسة كنا ندرس ونتعلم ثم يمتحنوننا ، أما في حياة رجال السياسة، فاننا نواجه الامتحانات وتنال منا الخوازيق تلو الخوازيق ، فنتعلم منها الدروس ... والدرس الأول الذي نتعلمه ، هو أن نقع في الخطأ ذاته مرات ومرات ..تماما كالممثل على خشبة المسرح الذي يعيد الدور يوميا ويقع في ذات الأخطاء ولا يتعلم منها شيئا.
على خشبة المسرح وبين الجمهور نلحظ أكبر عملية تواطؤ، وكلما كان التواطؤ أكبر ، كانت المسرحية ناجحة ، والجمهور أكثر تمتعا بالفن:
-الفنان يعرف أنه يمثل.
-والفنانة تعرف ان الفنان يمثل وأنه لا يبحبها بجنون كما يدعي بينما تنهال دموعه لتعبر عن مشاعره وهي دموع مزيفة بالضرورة.
-عدو الممثل في المسرحية، هو ممثل، والعداء الذي يظهر جليا على الخشبة ، هو تزوير للحقية وقد يكونان من أعز الأصدقاء.
-القاتل ..لا يندم على جريمته بعد انتهاء العرض.
-المقتول ينهض بعد العرض ، وربما يخرج مع قاتله لتناول القهوة.
-الجمهور يعرف أن من هم أمامه هم مجرد ممثلين ، وأن ما يحصل ليس واقعيا.
وهنا يكون التواطؤ بين الممثلين والجمهور على ابعاد الحقيقة ، وتخيل الوهم كجقيقة، والتصرف بناء عليه.
هكذا يفعل السياسيون تماما ..يخلقفون لنا عالما وهميا وافتراضيا .
-نحن نعرف انهم يمثلون
-وهم يعرفون أننا نعرف أنهم يمثلون.
لكننا .وعندما يتعادى السياسيون على أرض الواقع .. يجعلوننا نتعادى ، وينسّوننا أننا نمثل وأنهم يمثلون ، فندخل في حرب اقليمية وطائفية ضد بعضنا ونقتل بعضنا في الحقيقة وليس على خشبة المسرح.
ولا نتذكر بأننا لعبنا مسرحيتهم، وصدقناها ، الا ونحن نلفظ أنفاسنا الأخيرة.
نيني نيني.... كع كع
ghishan@gmail.com
(الدستور)