من أجل الوطن... إِعتقونا
عندما تم حل مجلسي النواب الخامس عشر وتلاه السادس عشر والشهير بمجلس ال111 المسخوط عليه شعبيا ، أعلن النظام عن بداية مرحلة جديدة على طريق الإصلاح!! وعن النيّة لتشكيل حكومة برلمانية من خلال مجلس نواب نزيه يمثل إرادة الشعب . إنطلق سباق الحملات الإنتخابية للمرشحين ، وبدأت ظاهرة إنتشار صورهم ( بدل شعاراتهم أو برامجهم ) في جميع أنحاء المملكة ، وبدء إفتتاح المقرات لتبادل إطلاق الخطب الرنانة وإستقبال الداعمين والمؤازرين ، وفيما عملية إختيار المرشح يفترض أن تكون على أسس برامجية ( الوضع الطبيعي ) !!! إلا أن ما نراه لا يبشر بخير ، فالوجوه نفسها مكررة سئمنا رؤيتها ، والشعارات ذاتها مجترة ومستهلكة ، أما البرامج فحدث ولا حرج ، فما بين إسترجاع ...الى .....تحرير... الى....دعم ...!!! وغيرها من الشعارات بأسلوب إعادة التدوير وبذات الرائحة النتنة التي ما زالت تزكم أنوفنا.
الإستحداث الوحيد لهذه المرحلة هو إنتاج القائمة الوطنية والتي بلغ عددها 62 قائمة سيتم توزيعها على 27 مقعد وذلك وفقا لمعادلة هاري والأقزام السبعة ( التمثيل النسبي ) والتي تم إستيرادها حصريا للحكومة بفضل عدالتها ، والتي لن تضيف لنا أي تغيير على المجلس القادم . فلا أحد يستطيع إنكار أنها كوتا جديدة تضاف الى باقي الكوتات التي تحتل أكثر من نصف المجلس وإذا أضفنا مجلس الأعيان إلى الحسبة ، فسيتضاعف الرقم !!.
إن أصحاب المكسرات والأعطيات والتبرئات و (الكنادر الطائرة) ال111 سيعودون بحلة جديدة . سيعدوا إلينا إما من خلال القوائم إو منفردين من الفردة!! (بنمر محيرة) إلا إنهم في هذه المرة أداركوا أن الإكسسوارات ذات الوزن الثقيل لم تعد تنطلي على الشعب ، فشعاراتهم وبرامجهم السابقة والتي كانت تملى عليهم قد كُشفت وجارعليها الزمن ولم تعد تجدي نفعا ، وتحولت بفضل بلاويهم الى خبر كان (منصووووب!!) وعلامة نصبه (المكسرات الظاهرة على نوابه) ولذلك نرى اليوم أن حملاتهم الإنتخابية تقتصر على جيوبهم أو جيوب مموليهم وليس على برامجهم ، وأن المال السياسي هو سكة قطارهم للوصول مرة اخرى الى مقعد البرلمان .
والسؤال المطروح في ظل إدعائات وتجهيزات الحكومة تحت شعار النزاهة والشفافية هو كيف لمرشحين كانوا في مجلس المغلفات والفوسفات الذي تميز بجدارة بكونه (مفسدة للحق ) بأنجازاته !! أن يعودوا مرة اخرى بشعارات وبرامج (مكافحة الفساد) وهم أنفسهم من باعوا الشعب تحت ظل المجلس المزور مقابل حصد إمتيازات ومصالح شخصية (عفنة) ؟؟!!! كيف يعودوا مرة أُخرى لإستثمار مناصبهم وأستكمال تنفيعاتهم وتبرئة أسيادهم ؟؟؟
المثير أيضا هو الدعاية الإنتخابية ذات طابع الكلاشيهات السينمائية لمرشحي القوائم الوطنية والتي هي في غالبيتها تضم أسماء لمرشحين من ذوي الثقل السياسي والاقتصادي (الحيتاني) !! فإعلاناتهم تُظهر صورهم بطريقة سينيمائية بحته ، رئيس القائمة صاحب الرقم 1 ( البطل ) يحتل الصدارة في الصورة والباقي خلفة تماما كما هو حال الترويج لأي فلم سينمائي تترتب فيه صور الأبطال في مقدمة الإعلانات لشد الإنتباه والتشويق ، والباقي كومبارس وجودهم وعدمه واحد ( كمالة عدد – كومبارس - ) المهم فيهم حسن المنظر والشكل الشبابي .
هذا كله تقبلناه وأظنه كان متوقعا ، أما أن تكون شعارات بعض المرشحين تعتمد على وقع إسترجاع الوطن! وتحرير فلسطين! وإستخراج النفط! ، وغيرها فهذه والله قمة السخرية ، فهل نحن مقبلون على مجلس نواب وحكومة برلمانية تعيد العدالة وتنصف الناس؟ أم على جبهة تحرير؟ أم على تشكيل مجلس ميليشيا ؟! أم على معجزة إلهية !
فهل وصل الإستهتار بعقولنا وعواطفنا الى هذه الدرجة ، كيف لمجلس يضم مرشحين (من كل قطر أغنية) مستقلين وقوائم وأحزاب وجلّهم أصحاب ال111.... كل يغرد على ليلاه!! فأنّى لهم أن يحققوا أي إنجاز سوى إكمال حلقات مسلسلات (سكن كريم لمواطن لئيم ، أنا وأنت والكازينو ، من هو صاحب الأرض ) وحصد الإمتيازات بمجلس عمره الإفتراضي بين 6أشهر وسنتان ؟؟ فيا حبذا لو يحترموا عقولنا ، ويا حبذا لو يرحمونا ..!!! فكفى إستهبالاً وإستعباطاً .
ومن سخريات الأقدار بأن تضغط علينا الحكومة بكل ما أوتيت من وسائل للمشاركة بالإنتخابات ، ثم تأتي لنا بهؤلاء لنختار منهم ، مع أن الأفضل من بين جُلهم لا نرضى به ليمثل (حارة) وليس شعبا ، ثم تقول لنا الحكومة : أنتم إخترتموهم ليمثلوكم . فبالله عليكم بماذا نجيب ؟؟؟
فإن الحياة الديمقراطية البرلمانية لا تستوي إلا بوجود الأحزاب القادرة على تشكيل حكومات على أُسس برامجية ، فأي تمثيل سيحصدون وإلى أي ديمقراطية سيصلون ...؟ والأهم هو عن أي شعب يتحدثون ؟؟؟