شعرة معاوية
عندهم"شعرة معاوية" وعندنا"شعر هيفا وهبي" ...!!!
سئل معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه : كيف حكمت الشام أربعين سنة ولم تحدث فتنة والدنيا تغلي ؟ فقال: "إن بيني وبين الناس شعرة إذا أرخوا شددت, وإذا شددت أرخوا ".
وسئل سياسي أردني : كيف تحكمون الأردن ولم تحدث فتنة والدنيا تغلي ؟ فقال: إن بيننا وبين الناس "مجلس النواب" إذا شددنا شدّوا ، وإذا رخونا أرخوا....!!! .
إن التطلعات والآمال المرجوة لمستقبل أفضل لهي أكبر من أن تترجم على أيدي سياسيين كأمثال الذين يحكموننا ،لأنهم ما زالوا بحاجة إلى 50 عاما للوصول إلى النزاهة والحكمة المطلوبين ، فلو تحكموا "بآلاف الشعرات" لقطعوها على الفور لولا تعقل المواطنين ؛ فرئيس الوزراء أصبح محصلا-جابيا (بإرادته أو رغمها) هو ينتقد صندوق النقد الدولي ويمارس أسلوبه ويطبق سياسته، مجلس الأمة (حارة كل من إيدو إله – وعلى أوني وعلى دويى) ، كثير من شيوخ العشائر والوجهاء بات همهم شخصي ومحصور بالجاه والمنصب ، قدماء المحاربين والذين بنى الأردن سمعته على حسابهم أصبحوا مهمشين ،ألا قليل ممن فضل إستغلال الدور والتسلق على ظهور الآخرين ، أما من تبقى من وطنيين وأحرار فيعانون من توغل وتغول المثلث الشيطاني (أصحاب الأجندات-قوى الشد العكسي-الحرس القديم) في رسم وتنفيذ المطالب الداعية إلى النهوض والإرتقاء بالبلد .
"المسؤولين" لهم حقوق (الملكية الفكرية) في بعض مصطلحات معجم المعاني للسياسية الحديثة (مع أنهم ينفذون التعليمات والأوامر أكثر مما يقررون)، فبعد دخول العالم العربي مرحلة "مخاض الربيع " تراهم يحاولون إقناع الشعب بتوجههم نحو التغير والإصلاح ، واستبدلوا مسمى "الدكتاتورية" الذي أبدعوا في تطبيقه وتثبيته، بمسمى جديد يسمى " الدكتو- قراطية " ،/ وفيه عرّفوا : "الواصل" في الأردن أنه (فوق القانون) وهو الذي يشرع ويرسم ويقرر، والنتائج تقع على عاتق (الحكومة) ،ولا يتحمل ذلك "الواصل" أدنى مسؤولية تنتج خلال/أو بسبب التنفيذ ،ويمتد ذلك أفقيا وعاموديا على (مجلس الأمة) فهو الذي يقيه حر الإنتقاد صيفا ويمنحه دفئ الإسقرار شتاءا /،وكأنك يا زيد ما غزيت.!!! .
النواب والأعيان جزء من "البطانة" والتي تتماشى تلازما وتواؤما مع سياسة النظام ونهجه لتكتمل الخطوات نحو التقدم والإصلاح بثبات وتوازن ... (والمقصود هنا السيطرة على الشعب ولكن على طريقتهم)، وكبرت الفجوة بفضلهم (ومن يحركهم ويمتلك مفاتحهم) بين الشعب والنظام ، وأنعدمت الثقة ؛ كيف لا وقد حرّف أولاءك الولاء للوطن .... بالتزوير والتنفيع والمحاصصة .
الواقع في نظر "ولاة الأمر" في الأردن : أن الشعب لا يحكمه إلا (الزنبرك) فالزنبرك هو الذي يحفظ أمنهم وإستقرارهم ، فإن حُرّر ذلك الزنبرك قليلا وجدوا العجب العجاب!! ذلك هو "المبدأ" الذي سيطر على عقول وقلوب "أصحاب المناصب" على مر الأزمنة في الأردن، ثم ترجموه واقعيا وعكسوه على سياساتهم ونهجهم وغطرستهم طيلة العقود الماضية ؛ تلك هي المغالطة التي لا نفتأ نحذر منها ومن تبعاتها ، لأن ترجمة صبر المواطنين وحكمتهم على أنها ضعف وإستسلام، ومن ثم الإستمرار على نفس النهج بلا منفس ، لن يولد سوى الفوضى التي لن تكون "خلّاقة" كما أرادها الأمريكان ....!!! .
* أصبح المواطن حيران فيما يسمع وفيما يحدث على أرض الواقع ولسان حاله يقول ( أسمع كلامك أصدقك ..أشوف أمورك أستغرب)...!!!
* أين الأردن الآن ؟؟ ... أن الأردن اليوم عبارة عن "دولة خدمات"، فقد تم الإستغناء عن الزراعة بسبب الماء ثم ملؤوا برك السباحة، وعن الصناعة إن وجدت أصلا ، وافتخروا بالصناعات التراثية وكتبوا عليها عزا وترويجا (Made in jordan )، وحصرنا قدراتنا بتقديم الخدمات للغير .... داخليا: في أمن الحدود وأستقبال اللاجئين، وخارجيا: خدمات أمنية ودبلوماسية ..... ولكن بسبب كون هذه الخدمات غير رسمية .... فللأسف يسمى المقابل بـــ"المساعدات" ، وصارت الأردن تسمى ...بالعاله على المساعدات الخارجية .
وآخر دليل على دولة الخدمات الأمنية: ما تناقلته المواقع الإخبارية عن ترشيح الوزير "المجالي" لمنصب مندوب الأردن لدى الأمم المتحدة ، فالرجل قد أتى من خلفية عسكرية ، ثم الأمن العام ، ومؤخرا وزارة الداخلية ، حيث كان أول منصب سياسي له ، ولست أجد معنى لترشحه لذلك المنصب إلا أن تكون رسالة الأردن إلى العالم بأننا "دولة أمنية" .
*أن المعادلة في الأردن بسيطة ، فالنظام يريد رفاه المواطن وزيادة الإستثمارات ، ولكنه لا يثق بالإسلاميين ويريد إبقائهم بعيدين عن الحكم ، لذلك فهو يولي الأمر لمسؤولين إما "زعران" وأما "غشماء" ... أما الشعب فهو أيضا يريد الرفاه وزيادة الإستثمارات، ولكنه لا يثق إلا بالإسلاميين بسبب "زعرنة" و"غشامة" المسؤولين الذين شملنا معهم للأسف النائب الكويتي واصفا أردننا "بالشاذ" قاصدا سياساتنا المهجنة...!
وبالنتيجة فالنظام يتكلف فاتورة "معنوية" ضخمة تتلخص في عدم ثقة الشعب بنواياه الإصلاحية ، والشعب يتكلف فاتورة "مادية" ضخمة تتلخص في إرتفاع الأسعار والضرائب لسد عجز إخفاق (الزعران والغشماء) .
وشعرة هيفاء التي يضعوها بيننا وبين العدل والمساواه ، سوف تسقط من أول (هزة خصر) ...!!!