للشعب المنّة وعليكم الشكر !
قال سبحانه وتعالى في كتابه العزيز ((يَا أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُون)) .
الحمد لله على عظيم فضله وكثير نعمه على الخلائق أجمعين ، هو الحنان المنان عظيم السلطان ، له المنة وله الفضل وحده ، فالعبد لا يمن بنعمة الله ، هو ليس منه ولا فضل له فيه ....
أمّا وإن حرفت النعمة فكما يقال (إذا كفرت النعمة فقد حسنت المنة ) .... ومن هنا فقد صار لزاما علينا التذكير بفضلنا كشعب عظيم على السلطات وتوابعها ومستلزماتها ومتمماتها في هذا البلد الذي ليس له إلا الله يحميه ويحرسه لأنه عزيز عنده ، ففيه أهل الرباط القائمين على الثغور ، وقد جعل فيه الخير الى يوم الدين .
إن قمنا بحسبة بسيطة وبلغة الأرقام (التي يحبها رئيس الوزراء) وأحصينا عدد رؤساء الحكومات والوزراء والنواب والأعيان .... وتوابعهم على مدى العقد الماضي ، ثم وضعنا إنجازاتهم بكفة ، وفي الكفة المقابلة وضعنا تكلفتهم!! ، لوجدنا بأنها ( تجارة خاسرة ) بكل ما في الكلمة من معنى .... سواءا ماديه أو معنويه!! .
أعداد غفيرة من المسؤولين بالصف الأول والثاني والثالث ، بمعاشات ومخصصات ومن بعدها تقاعدات ، وضعوا السياسات تلو السياسات والقوانين تلو القوانين والتشريعات تلو التشريعات .... وما هي النتيجة ؟؟؟؟ (إرتفاع المديونية من 5 إلى 21 مليار) ، ثم لمّا دقت الفأس بالرأس وصار الإقتصاد على شفير الهاوية ، فمن الذي أنقذ الموقف وما يزال ؟؟؟ أليس الشعب من أنقذ وينقذ الموقف أم أولئك المسؤولين ؟؟ ، ألسنا من سدد ويسدد عجز الميزانية من جيوبنا وعلى حسابنا ، نعم ..نحن من أنقذ الإقتصاد من الإنهيار .. ومن غيرنا ؟؟ أوليست جيوبنا شاهدة؟؟ ... فهي التي تكفلت وما زالت بسد سوء سياستهم وتخبط إدارتهم وكثرة إخفاقاتهم ؟.
هم الآن في بروجهم ومحافلهم وقلاعهم يتنعمون.. والأدهى أنهم غير أبهون ولا محاسبون ولكنهم لمراكز السلطة يتداولون وبالكراسي يتوارثون وعلى حسابنا ينظّرون ولجاهاتنا يتصدرون !! .
قال رئيس الوزراء الحالي بأنه إضطر إلى رفع الأسعار تجنبا لإنهيار الإقتصاد ولسد عجز الميزانية! وأن واجبه هو ضمان سبل العيش الكريم ، وإستعادة هيبة الدولة!!وهذه المسألة لها شقان :
*أما الشق الأول فأين كان الرؤساء والمشرعون والمراقبون والوزراء وكبار المسؤولين أصحاب الدولة والمعالي والسعادة لِما وصل إليه حال الإقتصاد ؟؟؟؟أين كانوا عندما بيعت مقدرات الوطن بأبخس الأثمان ؟؟؟ أليسوا هم المسؤولين عن ما وصلت إليه الأمور؟؟ ، أليسوا هم من كان يضع الخطط والإستراتيجيات والقوانين لضمان سلامة وديمومة الإقتصاد ؟؟؟؟ ألم يأكلوا من خير هذا البلد وما زالوا.. ليجدوا لنا السياسات المناسبة حتى لا نصل ونقع بالذي نحن فيه الآن ، ثم ألا يجب أن يحاسبوا متضامنين على ما أوصلونا إليه؟؟؟، هذا من جهة ، ومن جهة أخرى أليس كل منهم يتنعم بموقعه ومزاياه الآن ليجدوا الحلول المناسبة للخروج من مستنقع رفع الأسعار والتضييق على العباد ؟ ، فما هي الحلول التي أتاحوها كبدائل عن جيوب الفقراء ؟؟؟ لا يوجد ... ولم يوجد ... ولن يوجد !!!((صم بكم عمي فهم لا يرجعون)) .
*أما الشق الثاني فأين هم المشرعون والمراقبون والوزراء وكبار المسؤولين من أصحاب الدولة والمعالي والسعادة الآن ؟؟ حيث تقف البلد على شفير المهانة والذل والخنوع ؟؟؟ ، فلا يستطيع أحد منهم فعل شيئ ، كل منهم يضع "الطاقية" على رأس الآخر ثم يدس رأسه في التراب ، حفاظا على كرسيه !!، حتى باعوا كرامتنا بعد أن باعوا مقدراتنا بأبخس الأثمان! .
ألسنا نحن القاعدة والأساس ؟؟ وهل تدوم دولة بلا شعب ؟؟؟ وهل يدوم شعب بلا كرامة ولا طعام ؟؟؟ .
يا معشر الأكابر : ((ولا تمنن تستكثر)) المنة لله جميعا ، فلا تنسوا.... إن الشعب صاحب المِنّة والمُنّة ، سواءا بالإيجاد أو الإمداد .... أما الإيجاد : فنحن من أتى بكم ... نتكلف معاشاتكم ومخصصاتكم وترفعكم ، وأما الإمداد : فنحن من يدفع لسداد إخفاقاتكم ونهبكم وسرقاتكم وكمسنتكم وثقتكم وحجبكم وإمتناعكم وغيابكم ، فنحن لنا المنّة عليكم وواجبكم الشكر لنا ...!!!
والمنّة هي النعمة الثقيلة ، والفرق شاسع بين من يُرجع الفضل إلى أصحابه ، وجاهل يدعي أن هذا من نفسه وقدرته وفريقه أو جماعته أو كتلته!! ومن عجائب صور المن أن يمن الإنسان بأمر يعتبر من الحقوق الواجبة عليه ، فالمسؤول واجب عليه (من متطلبات مسؤوليته) أن يقوم بها على أكمل وجه وأن شاء زاد فيؤجر عند الله ، فهو يتقاضى الرواتب والمخصصات على ذلك ، ويتوجب عليه إن لم يكن كفؤا لذلك ، و/أو إستنفذ ما عنده ! ... وجب عليه الإعتزال فاتحا المجال لغيره ، لا كما يجري الآن فيظن نفسه الخارق المنان الذي لا تستوي الأمور إلا ببقائه ، نحن لا نريد "بنشرجي" ولا "ترزي" ليرقّعوا لنا ما قد أصبح بال ولم يعد يطاق !!! نريد من يوحد الصف ويجدد العهد وينهض بالكرامة قبل الإقتصاد .
ما نحن بحاجة إليه هو أمر واحد فقط ، فيه تستوي أمورنا ونسترد به ما فاتنا ... ألا وهو "الأمانة" ، الأمانة مع الله ثم مع النفس ثم مع العباد ... أو أن نبقى حيث نحن الآن ونكتفي بمقولة ( سيب الخلق للخالق ) ثم ننتظر منّة أمريكا وسخاء السعودية وتغول اليهود! و(نووي) روسيا وبلطجة النواب! وتجبر الحكومة! ونبقي رؤوسنا مدفونة تحت أقدام الأمن والأمان ...!!! .