سهرة في «مول»
ذات ليلة خلال الاسبوع الماضي، صحبت ابني «اخر العنقود» غيث في جولة على احد مولات الصويفية مجبرا ًعلى غير العادة.
كنت أظن ان هذه الجولة ستنتهي مع فنجان قهوة ، او صحن «بوظة «وقليل من الزمن العابر، وفجأة دلفنا الى المحل المرغوب الذي تابع اخباره غيث عبر صفحات التواصل ويحرص على ذلك باستمرار.
اعتقدت للوهلة الاولى أنه سيمضي فسحة من الوقت في البحث عما يريد، وبعدها ننطلق الى حيث نريد، فجأة بدأت افواج البشر تتدفق كأنها ساعة الحشر، الاف مؤلفة من المواطنين يصطفون على الدور كأنهم ينتظرون على باب مخبز ذات ثلجة، اسراب من البشر تنتظر دورها في المحاسبة على مشترياتها.
عندها غضبت من ابني وقلت له لا استطيع الانتظار، ولن يكون بمقدوري الوقوف الى حين تنتهي هذه الحالة المرعبة من الفوضى المنظمة، ولم يقبل ابني وترك لي خيار العودة وحيداً للبيت وهو سيتكفل بالبقاء الى حين ان يكمل مهمته.
لم يطاوعني قلبي أن اتركه حتى ساعة مبكرة من فجر الليلة التالية، ذهبت ابحث عن مقعد وفنجان قهوة واقلب صفحات التواصل الاجتماعي، ساعة بعد ساعة مجبراً لا بطلا، حتى انتهت الساعات الاربع التي تزاحم فيها اهالي عمان بانتظار الفرج بسبب الخصم الذي وصل الى ما نسبته 50 في المئة.
شخصياً لم يكن عندي استعداد للانتظار حتى لو كان التوزيع مجاناً بلا مقابل مهما كانت الظروف ورغم أي من المغريات .
والسؤال الذي يطرح نفسه هنا :هل يعقل ان تكون هذه الحشود تتزاحم على امل الوصول الى « الكاش» ؟ هل وصلت بنا الحال الى صورة آمل ان لا تتكرر في ذاكرتي.
كنت انظن ان الوضع صعب جداً، وان الناس في ازمة اقتصادية وظروف صعبة الى ان اتيح لي ان اكون في لحظة تأمل مع ذلك المشهد، لكن ما يبعث على الامل ان ما رأيتهم لا يشكلون سوى نسبة قليلة من سكان العاصمة والمدن الاخرى وهم شريحة مغايرة عن تلك الشرائح التي تبحث عن وسيلة لسد جوعها في هذا الزمن العاثر.
مشاهد تتكرر واسئلة تقفز الى الذاكرة وتبقى الحيرة هي سيدة الموقف، ولن اطيل في تلك الليلة التي اصابتني بمزيد من القلق والخوف والانتظار.